ثم دخلت سنة أربعين ومائتين
ذكر
وثوب أهل حمص بعاملهم
في هذه السنة وثب أهل حمص بعاملهم أبي المغيث موسى بن إبراهيم الرافعي ، وكان قتل رجلا من رؤسائهم ، فقتلوا جماعة من أصحابه ، وأخرجوه ، وأخرجوا عامل الخراج ، فبعث المتوكل إليهم عتاب بن عتاب ، ومحمد بن عبدويه الأنباري ، وقال لعتاب : قل لهم إن أمير المؤمنين قد بدلكم بعاملكم ، فإن أطاعوا فول عليهم محمد بن عبدويه ، فإن أبو فأقم وأعلمني ، حتى أمدك برجال وفرسان .
فساروا إليهم ، فوصلوا في ربيع الآخر ، فرضوا بمحمد بن عبدويه ، فعمل فيهم الأعاجيب ، حتى أحوجهم إلى محاربته .
ذكر
الحرب بين المسلمين والفرنج بالأندلس
وفي هذه السنة ، في المحرم ، كان بين المسلمين والفرنج حرب شديدة بالأندلس .
وسبب ذلك أن أهل طليطلة كانوا على ما ذكرنا من الخلاف على محمد بن عبد الرحمن ، صاحب الأندلس ، وعلى أبيه من قبله ، فلما كان الآن سار محمد في جيوشه إلى طليطلة ، فلما سمع أهلها بذلك أرسلوا إلى ملك جليقية يستمدونه وإلى ملك بشكنس فأمداهم بالعساكر الكثيرة .
فلما سمع محمد بذلك ، وكان قد قارب طليطلة ، عبأ أصحابه ، وقد كمن لهم الكمناء بناحية وادي سليط ، وتقدم هو إليهم في قلة من العسكر ، فلما رأى أهل طليطلة ذلك أعلموا الفرنج بقلة عددهم ، فسارعوا إلى قتالهم ، وطمعوا فيهم ، فلما تراءى الجمعان ، وانتشب القتال ، خرجت الكمناء من كل جهة على المشركين وأهل طليطلة ، فقتل منهم ما لا يحصى ، وجمع من الرؤوس ثمانية آلاف رأس فرقت في البلاد ، فذكر أهل طليطلة أن عدة القتلى من الطائفتين عشرون ألف قتيل ، وبقيت جثث القتلى على وادي سليط دهرا طويلا .
ذكر عدة حوادث
وفيها ولي جعفر بن عبد الواحد بن سليمان بن علي قضاء القضاة .
وحج بالناس هذه السنة عبد الله بن محمد بن داود .
وكان على أحداث المواسم جعفر بن دينار .
وفيها :
أنه أخذ أهل الذمة بتعليم أولادهم السريانية والعبرانية ، ومنعوا من العربية ، ونادى المنادي بذلك ، فأسلم منهم خلق كثير . سمع أهل خلاط صيحة من السماء
وفي هذه السنة : سمع أهل خلاط صيحة من السماء ، فمات خلق كثير ، وكانت ثلاثة أيام ، وخسف بثلاث عشرة قرية من قرى إفريقية .
وخرجت ريح من بلاد الترك ، فمرت بمرو فقتلت بشرا كثيرا بالزكام ، ثم صارت إلى نيسابور ، وإلى الري ، ثم إلى همذان وحلوان ، ثم صارت إلى العراق فأصاب أهل سامراء ومدينة السلام حمى وسعال وزكام وأشار المتطببون بالحجامة .
وقال محمد بن حبيب الهاشمي : كتب تجار المغرب أن ثلاث عشرة قرية من قرى القيروان خسف بها ، فلم ينج من أهلها إلا اثنان وأربعون رجلا سود الوجوه ، فأتوا القيروان فأخرجهم أهلها ، وقالوا : أنتم مسخوط عليكم . فبنى لهم العامل حظيرة خارج [باب ] المدينة فنزلوها .
وقوع الجراد على بريد من البصرة
وفي ذي القعدة : وقع الجراد على بريد من البصرة ، فخرج الناس في طلبه فأصابهم من الليل ظلمة ومطر وريح ، فمات منهم ألف وثلاثمائة إنسان ، ما بين رجل وامرأة وصبي .
وفي هذا الشهر : وقع ببغداد برد أعظم من الجوز ، مثل بيض الحمام ، مع مطر شديد ، وسقط يومئذ بسامراء برد مثل بيض الدجاج .