الفتنة ببغداذ

وفي سنة تسع وأربعين ومائتين شغب الجند والشاكرية ببغداذ ، وكان سبب ذلك أن الخبر لما اتصل بهم وبسامرا وما قرب منها بقتل عمر بن عبيد الله ، وعلي بن يحيى ، وكانا من شجعان الإسلام ، شديدا بأسهما ، عظيما غناؤهما عن المسلمين في الثغور ، شق ذلك عليهم مع قرب مقتل أحدهما من الآخر ، وما لحقهم من استعظامهم قتل الأتراك للمتوكل ، واستيلائهم على أمور المسلمين ، ( يقتلون من يريدون من الخلفاء ، ويستخلفون من أحبوا من غير ديانة ، ولا نظر للمسلمين ) .

فاجتمعت العامة ببغداذ بالصراخ ، والنداء بالنفير ، وانضم إليهم الأبناء ، و الشاكرية تظهر أنها تطلب الأرزاق ، وكان ذلك أول صفر ، ففتحوا السجون ، وأخرجوا من فيها ، وأحرقوا أحد الجسرين وقطعوا الآخر ، وانتهبوا دار بشر ، وإبراهيم ابني هارون ، كاتبي محمد بن عبد الله ، ثم أخرج أهل اليسار من بغداد وسامرا أموالا كثيرة ، ففرقوها فيمن نهض إلى الثغور ، وأقبلت العامة من نواحي الجبال ، وفارس ، والأهواز ، وغيرها لغزو الروم وذلك أن الخليفة والجيش تأخروا عن النهوض فغضبت العامة من ذلك ، وفعلوا ما ذكرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية