ذكر عدة حوادث
في سنة ست وستين ومائتين ولى عمرو بن الليث عبيد الله بن عبد الله بن طاهر خلافته على الشرطة ببغداذ وسر من رأى في صفر ، وخلع عليه الموفق ، وعمرو بن الليث .
وفيها ، في صفر ، غلب أساتكين على الشرطة وهي الآن من أعمال سجستان وعلى الري ، وأخرج منها خطلنخجور العامل عليها ، ثم مضى إلى قزوين وعليها أخو كيغلغ ، فصالحه ، ودخل أساتكين قزوين ، ثم رجع إلى الري .
وفيها
وردت سرية من سرايا الروم إلى تل يسهى ، من ديار ربيعة فأسرت نحوا من مائتين وخمسين إنسانا ، ومثلت بالمسلمين ، فنفر إليهم أهل الموصل ونصيبين ، فرجعت الروم .
وفيها
مات أبو الساج بجنديسابور ، منصرفا من عسكر عمرو بن الليث ( إلى بغداذ ، ومات قبله سليمان بن عبد الله بن طاهر .
وولى عمرو بن الليث ) فيها أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف أصبهان .
وولى محمد بن أبي الساج طريق مكة والحرمين .
وفيها
فارق إسحاق بن كنداج أحمد بن موسى بن بغا ، وكان سبب ذلك أن أحمد لما سار إلى الجزيرة ، وولي موسى بن أتامش ديار ربيعة ، أنكر ذلك إسحاق بن كنداج ، وفارق عسكره ، وسار إلى بلد ، فأوقع بالأكراد اليعقوبية فهزمهم ، وأخذ أموالهم ، ثم لقي ابن مساور الخارجي فقتله ، وسار إلى الموصل فقاطع أهلها على مال قد أعدوه .
وكان قائد كبير بمعلثايا ، واسمه علي بن داود ، وهو المخاطب له عن أهل الموصل ، والمدافع ، فسار ابن كنداج إليه ، فلما بلغه الخبر فارق معلثايا ، وعبر دجلة ، ومعه حمدان بن حمدون ، إلى إسحاق بن أيوب بن أحمد التغلبي العدوي ، فاجتمعوا كلهم فبلغت عدتهم نحو خمسة عشر ألفا ، وسمع ابن كنداج ( باجتماعهم ، فعبر إلى بلد ، وعبر دجلة إليه وهو في ثلاثة آلاف ) ، وسار ( إلى نهر أيوب ) ، فالتقوا بكراثا ، وهي التي تعرف اليوم بتل موسى ، وتصافوا للحرب ، فأرسل مقدم ميسرة ابن أيوب إلى ابن كنداج يقول له : إنني في الميسرة ، فاحمل علي لأنهزم ، ففعل ذلك ، فانهزمت ميسرة ابن أيوب ، وتبعها الباقون ، فسار حمدان بن حمدون ، وعلي بن داود إلى نيسابور ، وأخذ ابن أيوب نحو نصيبين ، فاتبعه ابن كنداج ، فسار ابن أيوب عن نصيبين إلى آمد ، واستولى ابن كنداج على نصيبين وديار ربيعة ، واستجار ابن أيوب بعيسى بن الشيخ الشيباني ، وهو بآمد ، فأنجده ) ، ( وطلب النجدة من أبي المعز بن موسى بن زرارة ، وهو بأرزن ، فأنجده ) أيضا ، وعاد ابن كنداج إلى الموصل ، ووصل إليه من الخليفة المعتمد عهد بولاية الموصل ، فعاد إليها ، فأرسل إليه ابن الشيخ ، وابن زرارة ، وغيرهما بذلوا له مائتي ألف دينار ليقرهم على أعمالهم ، فلم يجبهم ، فاجتمعوا على حربه ، فلما رأى ذلك أجابهم إلى ما طلبوا وعاد عنهم وقصدوا بلادهم .
وفيها
التقى أسطول المسلمين ، وأسطول الروم عند صقلية ، فجرى بينهم قتال شديد ، فظفر الروم بالمسلمين ، وأخذوا مركبهم ، وانهزم من سلم منهم إلى مدينة بلرم بصقلية .
وفيها كان بإفريقية غلاء شديد وقحط عظيم ، كادت الأقوات تعدم ) .
وفيها قتل أهل حمص عاملهم عيسى الكرخي .
وفيها
أسرى لؤلؤ غلام أحمد بن طولون من رابية بني تميم إلى موسى بن أتامش ، وهو برأس عين ، فأخذه سيرا ، وسيره إلى الرقة ، ثم لقي لؤلؤ أحمد بن موسى بن أتامش بن موسى بن أتامش ومن معه من الأعراب ، فانهزم لؤلؤ ، ورجع الأعراب إلى عسكر أحمد لينهبوه ، فعطف عليهم لؤلؤ وأصحابه ، فانهزموا ، فبلغت هزيمتهم قرقيسيا ، ثم ساروا إلى بغداذ وسامرا .
وقد ذكرت فيما تقدم أن الذي أسر موسى غير لؤلؤ على ما ذكره مؤرخو مصر .
وفيها كانت بين ( أحمد بن ) عبد العزيز ، وبكتمر ( وقعة ، فانهزم بكتمر ) ، وسار إلى بغداذ .
وفيها أوقع الخجستاني بالحسن بن زيد بجرجان ، وهو غار ، فلحق بآمل ، وغلب الخجستاني على جرجان وأطراف طبرستان ، فكان الحسن لما سار عن طبرستان إلى جرجان استخلف بسارية الحسن بن محمد بن جعفر بن عبد الله بن حسين الأصغر العقيقي ، فلما انهزم الحسن بن زيد أظهر العقيقي بسارية أنه قتل ، ودعا إلى البيعة لنفسه ، فبايعه قوم ، ووافاه الحسن بن زيد ، فحاربه ، ثم ظفر به فقتله .
وفيها كانت
وقعة بين الخجستاني ، وعمرو بن الليث انهزم فيها عمرو ، ودخل الخجستاني نيسابور ، أخرج منها عامل عمرو ، ومن كان يميل إليه .
( وفيها كانت
فتنة بالمدينة ونواحيها بين العلويين والجعفرية ) .
وفيها وثب الأعراب على كسوة الكعبة فانتهبوها ، وصار بعضها إلى صاحب الزنج ، وأصاب الحجاج فيها شدة شديدة .
وفيها خرجت الروم على ديار الروم على ديار ربيعة ، فاستنفر الناس ، فنفروا في برد شديد لا يمكن فيه دخول الدرب .
وفيها غزا سيما خليفة أحمد بن طولون على الثغور الشامية في ثلاثمائة رجل من أهل طرسوس ، فخرج عليهم نحو من أربعة آلاف من بلاد هرقلة ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، وقتل المسلمون خلقا كثيرا من العدو ، أصيب من المسلمين جماعة .
وفيها
كانت بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم ، حرب بين العلويين والجعفريين ، وغلا السعر بها حتى تعذرت الأقوات ، وعم الغلاء سائر البلاد من الحجاز ، والعراق ، والموصل ، والجزيرة ، والشام ، وغير ذلك ، إلا أنه لم يبلغ الشدة التي بالمدينة .
وفيها كان الناس في البلاد التي تحت حكم الخليفة جميعها في شدة عظيمة بتغلب القواد ( وأمراء الأجناد على الأمر ) ، وقلة المراقبة والأمن من إنكار ما يأتونه ويفعلونه ، لاشتغال الموفق بقتال صاحب الزنج ، ولعجز الخليفة المعتمد ، واشتغاله بغير ذلك .
وفيها اشتد الحر في تشرين الثاني ، ثم اشتد فيه البرد حتى جمد الماء .
وفيها قدم محمد بن أبي الساج مكة ، فحاربه المخزومي ، فهزمه محمد ، واستباح ماله ، وذلك يوم التروية .
وفيها سار كيغلغ إلى الجبل وبكتمر راجعا إلى الدينور .
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن محمد بن إسحاق بن موسى الهاشمي .
وفيها عمل محمد بن عبد الرحمن الداخل - خليفة الأندلس وبلاد المغرب - مراكب في نهر قرطبة ليدخل بها إلى البحر المحيط ; لتسير الجيوش في أطرافه إلى بعض البلدان ليقاتلوهم ، فلما دخلت المراكب البحر المحيط تكسرت وتقطعت ولم ينج من أهلها إلا اليسير وغرق أكثرهم .