وفي سنة خمس وثمانين ومائتين ولي عمرو بن الليث ما وراء النهر ، وعزل إسماعيل بن أحمد .
وفيها كان بالكوفة ريح صفراء ، فبقيت إلى المغرب ، ثم اسودت ، فتضرع الناس ، ثم مطروا مطرا شديدا برعود هائلة وبروق متصلة .
ثم سقط بعد ساعة بقرية تعرف بأحمداباذ ونواحيها أحجار بيض وسود مختلفة الألوان ، في أوساطها طبق ، وحمل منها إلى بغداذ ، فرآه الناس .
وفيها سار فاتك مولى المعتضد إلى الموصل لينظر في أعمالها وأعمال الجزيرة والثغور الشامية ، والجزرية ، وإصلاحها ، مضافا إلى ما كان يتقلده من البريد بها .
وفيها كان بالبصرة ريح صفراء ، ثم عادت خضراء ، ثم سوداء ، ثم تتابعت الأمطار بما لم يروا مثله ، ثم وقع برد كبار ، وزن البردة مائة وخمسون درهما فيما قيل .
وفيها
مات الخليل بن رمال بحلوان .
وفيها
ولى المعتضد محمد بن أبي الساج أعمال أذربيجان ، وأرمينية ، وكان قد تغلب عليها وخالف ، وبعث إليه بخلع .
وفيها غزا راغب مولى الموفق في البحر ، فغنم مراكب كثيرة ، فضرب أعناق ثلاثة آلاف من الروم كانوا فيها ، وأحرق المراكب ، وفتح حصونا كثيرة ، وعاد سالما ومن معه .
وفيها توفي أحمد بن عيسى بن الشيخ ، وقام بعده ابنه محمد بآمد وما يليها ، على سبيل التغلب ، فسار المعتضد إلى آمد بالعساكر ، ومعه ابنه أبو محمد علي المكتفي في ذي الحجة ، وجعل طريقه على الموصل ، فوصل آمد ، وحصرها إلى ربيع الآخر من سنة ست وثمانين ومائتين ، ونصب عليها المجانيق ، فأرسل محمد بن أحمد بن عيسى يطلب الأمان لنفسه ، ولمن معه ، ولأهل البلد ، فأمنهم المعتضد ، فخرج إليه وسلم البلد ، فخلع عليه المعتضد وأكرمه ، وهدم سورها .
ثم بلغه أن محمد بن الشيخ يريد الهرب ، فقبض عليه وعلى آله .
وفيها وجه هارون بن خمارويه إلى المعتضد ليسأله أن يقاطعه على ما في يده ويد نوابه من مصر والشام ، ويسلم أعمال قنسرين إلى المعتضد ، ويحمل كل سنة أربعمائة ألف وخمسين ألف دينار ، فأجابه إلى ذلك ، وسار من آمد ، واستخلف فيها ابنه المكتفي ، ووصل إلى قنسرين ، والعواصم ، فتسلمها من أصحاب هارون ، وكان ذلك سنة ست وثمانين ومائتين .
وفيها غزا ابن الإخشيد بأهل طرسوس ، ففتح الله على يديه ، وبلغ سلندو .
وحج بالناس محمد بن عبد الله بن داود الهاشمي . وفي عشر من ذي الحجة دخل علي بن المعتضد من الري ، فتلقاه الناس ، ودخل إلى المعتضد ، فقال له : "يا بني خرجت ولدا ورجعت أخا" ! فقال : "يا أمير المؤمنين أبقاني الله تعالى لخدمتك ، ولا أبقاني بعدك" . فأمر أن يخلع عليه بين يديه .