وفاة المكتفي

في سنة خمس وتسعين ومائتين في ذي القعدة توفي أمير المؤمنين المكتفي بالله ( أبو محمد علي بن المعتضد بالله أبي العباس أحمد بن الموفق بن المتوكل ) وهذه ترجمته

أبو محمد علي ابن أمير المؤمنين المعتضد بالله أبي العباس أحمد ابن الأمير أبي أحمد الموفق بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد هارون بن المهدي بن المنصور - رحمهم الله - وأمه أم ولد تركية ، اسمها جيجك وبويع له بالخلافة بعد أبيه - في حياته - في يوم الجمعة لإحدى عشرة بقيت من ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين ، وعمره نحو من خمس وعشرين سنة وكان ربعة من الرجال جميلا رقيق اللون حسن الشعر وافر اللحية عريضها. وكان نقش خاتمه : علي متوكل على ربه وكان له من الولد محمد وجعفر وعبد الصمد وموسى وعبد الله وهارون والفضل وعيسى والعباس وعبد الملك .

وفي أيامه فتحت أنطاكية واستنقذت من أيدي الروم وكان فيها من أسارى المسلمين بشر كثير وجم غفير ، وأخذ المسلمون من غنائمهم شيئا كثيرا جدا كما تقدم ، ولما حضرته الوفاة سأل عن أخيه أبي الفضل جعفر بن المعتضد فصح عنده أنه بالغ فأحضره في يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة من هذه السنة ، وأحضر القضاة وأشهدهم على نفسه بأنه قد جعل الخلافة إليه من بعده ، ولقبه بالمقتدر بالله . وتوفي المكتفي بالله بعد ثلاثة أيام ، رحمه الله . وقيل : في آخر يوم السبت بين الظهر والعصر . وقيل : بعد المغرب ليلة الأحد لاثنتي عشرة خلت من ذي القعدة ودفن في دار محمد بن عبد الله بن طاهر عن ثنتين ، وقيل : عن ثلاث وثلاثين سنة . وكانت خلافته ست سنين وستة أشهر وتسعة عشر يوما . وكان مرضه بداء الخنازير رحمه الله . ولما احتضر قال له وزيره: ادع بألف ألف دينار ففرقها في أمهات أولادك فإن المسلمين يجعلونك منها في حل لما وفرت عليهم من أموالهم ، فقال: والله لا فعلت ذلك حسبي ما احتقبت ولي عند صافي والداية ستمائة ألف دينار جمعتها منذ كنت صبيا تفرق عليهن ، فإنها تكفيهن . قال الصولي : (سمعت المكتفي يقول في علته : والله ما آسى إلا على سبعمائة ألف دينار صرفتها من مال المسلمين في أبنية ما احتجت إليها ، وكنت مستغنيا عنها ، أخاف أن أسأل عنها ، وإني أستغفر الله منها ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية