ذكر عدة حوادث

في سنة تسع وتسعين ومائتين غزا رستم أمير الثغور الصائفة من ناحية طرسوس ، ومعه دميانة ، فحصر حصن مليح الأرمني ، ثم دخل بلده وأحرقه .

وفيها دخل بغداذ العطير والأغبر وهما من قواد زكرويه القرمطي ، دخلا بالأمان ، وحج بالناس الفضل بن عبد الملك .

وفيها جاء نفر من القرامطة من أصحاب أبي سعيد الجنابي إلى باب البصرة ، وكان عليها محمد بن إسحاق بن كنداجيق ، وكان وصولهم يوم الجمعة والناس في الصلاة ، فوقع الصوت بمجيء القرامطة ، فخرج إليهم الموكلون بحفظ باب البصرة ، فرأوا رجلين منهم ، فخرجوا إليهما ، فقتل القرامطة منهم رجلا وعادوا فخرج إليهم محمد بن إسحاق في جمع ، فلم يرهم ، فسير في أثرهم جماعة ، فأدركوهم ، وكانوا نحو ثلاثين رجلا ، فقاتلوهم ، فقتل بينهم جماعة ، وعاد ابن كنداجيق وأغلق أبواب البصرة ، ظنا منه أن أولئك القرامطة كانوا مقدمة لأصحابهم ، وكاتب الوزير ببغداذ يعرفه وصول القرامطة ويستمده ، ( فلما أصبح ) ولم ير للقرامطة أثرا ندم على ما فعل ، وسير إليه من بغداذ عسكرا مع بعض القواد .

وفيها خالف أهل طرابلس الغرب على المهدي ، عبيد الله العلوي ، فسير إليها عسكرا فحاصرها ، فلم يظفر بها ، فسير إليها المهدي ابنه أبا القاسم في جمادى الآخرة سنة ثلاثمائة ، فحاصرها ، وصابرها ، واشتد في القتال ، فعدمت الأقوات في البلد حتى أكل أهله الميتة ، ففتح البلد عنفا ، وعفا عن أهله ، وأخذ أموالا عظيمة من الذين أثاروا الخلاف وغرم أهل البلد جميع ما أخرجه على عسكره ، وأخذ وجوه البلد رهائن عنده ، واستعمل عليه عاملا وانصرف .

وفيها كانت زلازل بالقيروان لم ير مثلها شدة وعظمة ، وثار أهل القيروان ، فقتلوا من كتامة نحو ألف رجل . قال ابن الجوزي : وفيها ظهرت ثلاثة كواكب مذنبة أحدها في رمضان واثنان في ذي القعدة تبقى أياما ثم تضمحل .

وفيها وقع طاعون بأرض فارس مات بسببه سبعة آلاف إنسان .

وفيها غضب الخليفة على الوزير علي بن محمد بن الفرات وعزله عن الوزارة وأمر بنهب داره فنهبت أقبح نهب واستوزر أبا علي محمد بن عبد الله بن يحيى بن خاقان وكان قد التزم لأم ولد المعتضد بمائة ألف دينار حتى سعت في ولايته .

وفيها وردت هدايا كثيرة من الأقاليم من ديار مصر وخراسان وغيرها ، من ذلك خمسمائة ألف دينار من الديار المصرية استخرجت من كنز وجد هناك من غير موانع كما يدعيه كثير من جهلة بني آدم حيلة ومكرا وخديعة ليأكلوا أموال الأغشام والجهلة الطغام من قليلي العقول والأحلام ، وقد وجد في هذا الكنز ضلع إنسان طوله أربعة أشبار وعرضه شبر وذكر أنه من قوم عاد . فالله أعلم . وكان من جملة هدية مصر تيس له ضرع يحلب لبنا ومن ذلك بساط أرسله ابن أبي الساج في جملة هداياه طوله سبعون ذراعا وعرضه ستون ذراعا عمل في عشر سنين لا قيمة له وهدايا فاخرة أرسلها أحمد بن إسماعيل بن أحمد الساماني من بلاد خراسان كثيرة جدا .

وحج بالناس فيها الفضل بن عبد الملك العباسي أمير الحجيج من مدة طويلة . وورد ورقاء بن محمد بن ورقاء بن محمد بن ورقاء الشيباني ، ومعه أسرى من الأعراب كل منهم كان يعني السلطان ، وأصلح الطريق بأخذهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية