ذكر عدة حوادث
في سنة سبع عشرة وثلاثمائة منتصف المحرم ، وقعت فتنة بالموصل بين أصحاب الطعام وبين أهل المربعة والبزازين ، ( فظهر أصحاب الطعام عليهم أول النهار ، فانضم الأساكفة إلى أهل المربعة والبزازين ) فاستظهروا بهم ، وقهروا أصحاب الطعام وهزموهم وأحرقوا أسواقهم .
وتتابعت الفتنة بعد الحادثة واجترأ أهل الشر ، وتعاقد أصحاب الخلقان والأساكفة على أصحاب الطعام ، واقتتلوا قتالا شديدا ( دام بينهم ) ، ثم ظفر أصحاب الطعام فهزموا الأساكفة ومن معهم ، وأحرقوا سوقهم ، وقتلوا منهم ، وركب أمير الموصل ، وهو الحسن بن عبد الله بن حمدان الذي لقب بعد بناصر الدولة ليسكن الناس ، فلم يسكنوا ولا كفوا ، ثم دخل بينهم ناس من العلماء وأهل الدين ، فأصلحوا بينهم .
وفيها وقعت
فتنة عظيمة ببغداذ بين أصحاب أبي بكر المروزي الحنبلي وبين غيرهم من العامة ، ودخل كثير من الجند فيها ، وسبب ذلك أن أصحاب المروزي قالوا في تفسير قوله تعالى :
عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ، هو أن الله سبحانه يقعد النبي صلى الله عليه وسلم معه على العرش ، وقالت الطائفة الأخرى : إنما هو الشفاعة ، فوقعت الفتنة واقتتلوا ، فقتل بينهم قتلى كثيرة .
وفيها ضعفت الثغور الجزرية عن دفع الروم عنهم ، منها ملطية وميافارقين ( وآمد وأرزن ) وغيرها ، وعزموا على طاعة ملك الروم ( والتسليم إليه ) لعجز الخليفة المقتدر بالله عن نصرهم ، وأرسلوا إلى بغداذ يستأذنون في التسليم ، ( ويذكرون عجزهم ، ويستمدون ) العساكر لتمنع عنهم ، فلم يحصلوا على فائدة ، فعادوا .
وفيها قلد القاضي أبو عمر ( محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن حماد ) بن زيد قضاء القضاة .
وفيها قلد ابنا رائق شرطة بغداذ مكان نازوك .
وفيها
مات أحمد بن منيع ، وكان مولده سنة أربع عشرة ومائتين .
وفيها
أقر المقتدر بالله ناصر الدولة الحسن بن أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان على ما بيده من أعمال قردى وبازبدى ، وعلى أقطاع أبيه وضياعه .
وفيها قلد نحرير الصغير أعمال الموصل ، فسار إليها ، فمات بها في هذه السنة ، ( ووليها بعده ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان في المحرم من سنة ثماني عشرة وثلاثمائة ) .
( وفيها سار حاج العراق إلى مكة على طريق الشام فوصلوا إلى الموصل أول شهر رمضان ، ثم منها إلى الشام ، لانقطاع الطريق بسبب القرمطي ، وكانت كسوة الكعبة مع ابن عبدوس الجهشياري لأنه كان من أصحاب الوزير ) .
( وفيها ، في شعبان ، ظهر بالموصل خارجي يعرف بابن مطر ، وقصد نصيبين ، فسار إليها ناصر الدولة بن حمدان ، فقاتله ، فأسره . وظهر فيها أيضا خارجي اسمه محمد بن صالح بالبوازيج ، فسار إليه أبو السرايا نصر بن حمدان ، فأخذه أيضا ) .
وفيها التقى مفلح الساجي والدمستق ، فاقتتلا ، فانهزم الدمستق ودخل مفلح وراءه إلى بلاد الروم .
وفيها ، آخر ذي القعدة ، انقض كوكب عظيم ، وصار له ضوء عظيم جدا .
وفيها هبت ريح شديدة ، وحملت رملا أحمر شديد الحمرة ، فعم جانبي بغداذ ، وامتلأت منه البيوت والدروب ، يشبه رمل طريق مكة .