ذكر
من توفي في هذه السنة من الأكابر
2586 -
أحمد بن سلمان بن الحسن بن إسرائيل بن يونس ، أبو بكر النجاد .
ولد سنة ثلاث وخمسين ومائتين ، وسمع أبا داود ، والباغندي ، وأبا بكر بن أبي الدنيا ، وعبد الله بن أحمد ، وخلقا كثيرا ، وكان يمشي في طلب الحديث حافيا ، وجمع المسند ، وصنف في السنن كتابا كبيرا ، وكانت له في جامع المنصور يوم الجمعة حلقتان قبل الصلاة وبعدها : إحداهما للفتوى في الفقه على مذهب أحمد ، والأخرى لإملاء الحديث ، روى عنه أبو بكر بن مالك ، والدارقطني ، وابن شاهين ، وابن رزقويه ، وغيرهم .
قال أبو إسحاق الطبري : كان أحمد بن سلمان يصوم الدهر ، ويفطر كل ليلة على رغيف ، ويترك منه لقمة ، فإذا كان في الجمعة تصدق بذلك الرغيف ، وأكل تلك اللقم التي استفضلها .
توفي ليلة الجمعة لعشر بقين من ذي الحجة من هذه السنة عن خمس وتسعين ودفن قريبا من [قبر] بشر الحافي .
2587 -
إبراهيم بن شيبان ، أبو إسحاق القرميسيني .
شيخ المتصوفة بالجبل ، صحب أبا عبد الله المغربي ، وإبراهيم الخواص ، وكان يقول: الخوف إذا سكن القلب أحرق مواضع الشهوات فيه ، وطرد عنه رغبة الدنيا .
2588 -
جعفر بن محمد بن نصير بن القاسم ، أبو محمد الخواص ، المعروف: بالخلدي .
سافر الكثير ، وسمع الحديث الكثير ، وروى علما كثيرا ، روى عنه الدارقطني ، وابن شاهين وخلق كثير ، وكان [ثقة] صدوقا دينا ، حج ستين حجة .
وتوفي في رمضان هذه السنة .
2589 -
شريرة الرائقية .
جارية مولدة كانت لابنة ابن حمدون النديم ، وكانت سمراء موصوفة بحسن الغناء ، فاشتراها أبو بكر محمد بن رائق من مواليها بثلاثة عشر ألف دينار على يد أبي جعفر بن حمدون ، وأعطى أبا جعفر عن دلالته ألف دينار ، ثم قتل عنها فتزوجها الحسين بن أبي العلاء بن سعيد بن حمدان . توفيت في رجب هذه السنة .
2590 -
علي [بن أحمد] بن سهل ، أبو الحسن البوشنجي .
لقي أبا عثمان ، وصحب ابن عطاء والجريري ، وكان دينا متعمدا للفقر ، وأسند الحديث ، وتوفي في هذه السنة .
قال: أبو العباس محمد بن الحسن البغدادي : سألت أبا الحسن البوشنجي عن التصوف فقال: اسم ولا حقيقة ، وقد كان قبل حقيقة ولا اسم .
2591 -
علي بن محمد بن الزبير ، أبو الحسن ، القرشي ، الكوفي .
ولد سنة أربع وخمسين ومائتين ، ونزل بغداد ، وحدث بها عن جماعة ، فروى عنه ابن رزقويه ، وابن شاذان ، وكان ثقة ، توفي في ذي القعدة من هذه السنة .
2592 -
محمد بن إبراهيم بن يوسف بن محمد أبو عمر الزجاجي النيسابوري
.
صحب أبا عثمان ، والجنيد ، والنوري ، والخواص وغيرهم ، وأقام بمكة وصار شيخها ، حج قريبا من ستين حجة ، وقيل: إنه لم يبل ولم يتغوط في الحرم [منذ] أربعين سنة ، وهو به مقيم ، وتوفي في هذه السنة .
2593 -
محمد بن إسحاق بن عبد الرحيم ، أبو بكر السوسي .
قدم بغداد في سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة ، وحدث بها أحاديث مستقيمة ، فروى عنه الدارقطني ، وابن رزقويه ، وغيرهما ، [وتوفي في هذه السنة] .
2594 -
محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول بن حسان [بن سنان] أبو طالب التنوخي .
أصله من الأنبار ، سمع أبا مسلم الكجي ، وبشر بن موسى الأسدي ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، وغيرهم .
قال طلحة [بن محمد] بن جعفر الشاهد : لم يزل أحمد بن إسحاق بن البهلول على قضاء المدينة - يعني مدينة المنصور - من سنة ست وتسعين ومائتين إلى ربيع الأول سنة ست عشرة وثلاثمائة وكان ربما اعتل فيخلفه ابنه أبو طالب محمد ، وهو رجل جميل الأمر ، حسن المذهب ، شديد التصون ، وممن كتب العلم ، وحدث بعد أبيه بسنتين .
قال علي بن عمرو الجريري : توفي أبو طالب بن البهلول في يوم الأحد ضحوة لست عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة .
2595 -
محمد بن أحمد بن تميم ، أبو الحسن الخياط القنطري .
كان ينزل قنطرة البردان ، ولد في صفر سنة تسع وخمسين ومائتين ، وحدث عن أبي قلابة الرقاشي ، ومحمد بن سعد العوفي الكديمي ، وغيرهم ، وتوفي يوم الجمعة سلخ شعبان في هذه السنة . قال محمد بن أبي الفوارس: كان فيه لبن .
2596 -
[محمد بن أحمد بن عيسى بن عبدك ، أبو بكر الرازي
، سكن بغداد ، وحدث بها عن جماعة . وروى عنه الدارقطني ، وابن رزقويه ، وكان ثقة .
توفي في جمادى الأولى من هذه السنة] .
2597 -
محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة بن زيد بن عبد الملك ، أبو بكر الآدمي القارئ الشاهد صاحب الألحان .
كان من أحسن الناس صوتا بالقرآن ، ولد في رجب سنة ستين ومائتين ، وحدث عن أحمد بن عبيد ابن ناصح ، والحارث بن محمد بن أبي أسامة ، وعبد الله بن أحمد:
الدورقي ، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة وغيرهم . وروى عنه ابن رزقويه ، وابن شاذان ، وابن بشران ، وغيرهم .
قال أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الأسدي : سمعت أبي يقول: حججت في بعض السنين ، وحج في تلك السنة أبو القاسم البغوي ، وأبو بكر الآدمي القارئ ، فلما صرنا بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم جاءني أبو القاسم البغوي فقال لي: يا أبا بكر ها هنا رجل ضرير قد جمع حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعد يقص [ويروي] الكذب من الأحاديث الموضوعة والأخبار المفتعلة ، فإني رأيت أن تمضي بنا إليه لننكر عليه ونمنعه ، فقلت له: يا أبا القاسم ، إن كلامنا ها هنا لا يؤثر مع هذا الجمع الكثير ، والخلق العظيم ، ولسنا ببغداد ، فيعرف لنا موضعنا ، ولكن ها هنا أمر آخر هو الصواب ، فأقبلت على أبي بكر الآدمي فقلت له: استعذ بالله واقرأ ، فما هو إلا أن ابتدأ بالقراءة حتى انجلفت [الحلقة] وانفض الناس جميعا ، فأحاطوا بنا يسمعون قراءة أبي بكر الآدمي وتركوا الضرير وحده ، فسمعته يقول لقائده: خذ بيدي هكذا تزول النعم .
قال ذرة الصوفي : كنت بائتا بكلواذى على سطح عال ، فلما هدأ الليل قمت لأصلي ، فسمعت صوتا ضعيفا يجيء من بعد فأصغيت إليه وتأملته ، فإذا هو صوت لأبي بكر الآدمي القارئ ، فقدرته منحدرا في دجلة ، وأصغيت فلم أجد الصوت يقرب ولا يزيد على ذلك القدر ساعة ثم انقطع ، فشككت في الأمر ، وصليت ونمت ، وبكرت فدخلت بغداد على ساعتين من النهار أو أقل ، وكنت مجتازا في السمارية ، فإذا بأبي بكر الآدمي ينزل إلى الشط من دار أبي عبد الله الموسوي العلوي التي تقرب من فرضة جعفر على دجلة ، فصعدت إليه وسألته عن خبره ، فأخبرني بسلامته وقلت: أين كنت البارحة؟ فقال: في هذه الدار . فقلت: قرأت؟ قال: نعم .
قلت: أي وقت؟ قال: بعد نصف الليل إلى قريب من الثلث الآخر قال: فنظرت فإذا هو الوقت الذي سمعت فيه صوته بكلواذى ، فعجبت من ذلك عجبا شديدا بان له في فقال:
مالك؟ فقلت: إني سمعت صوتك البارحة وأنا على سطح بكلواذى ، وتشككت ، فلولا أنك أخبرتني الساعة على غير اتفاق ما صدقته . قال: فاحكها عني ، فأنا أحكيها دائما .
توفي أبو بكر الآدمي يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من ربيع الأول ، ودفن في هذا اليوم في الصفة التي بحذاء قبر معروف الكرخي .
قال محمد بن أبي الفوارس: سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة فيها مات [محمد بن جعفر] أبو بكر الآدمي وكان قد خلط فيما حدث [به] .
قال أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل بن بويه : رأيت أبا بكر الآدمي في النوم بعد موته بمديدة فقلت له ما فعل الله بك؟ فقال لي: وقفني بين يديه ، وقاسيت شدائد وأمورا صعبة . فقلت له: فتلك الليالي والمواقف والقرآن؟ فقال: ما كان شيء أضر علي منها ، لأنها كانت للدنيا . فقلت له: فإلى أي شيء انتهى أمرك؟ قال: قال لي الله عز وجل آليت على نفسي أن لا أعذب أبناء الثمانين . وممن توفي فيها من الأعيان :
أبو محمد عبد الله بن أحمد بن علي بن الحسن بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي المصري ، كان من ساداتها وكرمائها وأجوادها ، لا تزال الحلواء تعقد بداره ، ولا يزال رجل يكسر اللوز بسببها كل يوم ببابه ، وللناس عليه رواتب الحلواء ، فمنهم من يهدى إليه كل يوم ، ومنهم في الجمعة ، وفي الشهر .
وكان لكافور الإخشيدي في كل يوم جامان ورغيف من الحوارى ، ولما قدم المعز الفاطمي إلى القاهرة تلقاه وسأله : إلى من ينتسب مولانا من أهل البيت ؟ فقال : الجواب إلى أهل البلد . فلما دخل القصر جمع الأشراف ، وسل نصف سيفه ، وقال : هذا نسبي ، ثم نثر عليهم الذهب ، وقال : هذا حسبي ، فقالوا : سمعنا وأطعنا . والصحيح : أن القائل للمعز هذا الكلام ابن هذا أو شريف آخر ، والله أعلم ; فإن وفاة هذا كانت في هذا العام عن ثنتين وستين سنة ، والمعز إنما قدم مصر في سنة ثنتين وستين وثلاثمائة ، كما سيأتي .