ذكر
بناء معز الدولة دوره ببغداذ
في هذه السنة في المحرم ، مرض معز الدولة ، وامتنع عليه البول ، ثم كان يبول بعد جهد ومشقة دما ، وتبعه البول ، والحصى ، والرمل ، فاشتد جزعه وقلقه ، وأحضر الوزير المهلبي ، والحاجب سبكتكين ، فأصلح بينهما ، ووصاهما بابنه بختيار ، وسلم جميع ماله إليه .
ثم إنه عوفي ، فعزم على المسير إلى الأهواز ; لأنه اعتقد أن ما اعتاده من الأمراض إنما هو بسبب مقامه ببغداذ ، وظن أنه إن عاد إلى الأهواز ، عاوده ما كان فيه من الصحة ، ونسي الكبر والشباب ، فلما انحدر إلى كلواذى ليتوجه إلى الأهواز ، أشار عليه أصحابه بالمقام ، وأن يفكر في هذه الحركة ولا يعجل ، فأقام بها ، ولم يؤثر أحد من أصحابه انتقاله لمفارقة أوطانهم وأسفا على بغداذ كيف تخرب بانتقال دار الملك عنها ، فأشاروا عليه بالعود إلى بغداذ ، ( وأن يبني بها ) له دارا في أعلى بغداذ لتكون أرق هواء ، وأصفى ماء ، ففعل ، وشرع في بناء داره في موضع المسناة المعزية ، فكان مبلغ ما خرج عليها ( إلى أن مات ثلاثة عشر ) ألف ألف درهم ، فاحتاج بسبب ذلك إلى مصادرة جماعة من أصحابه . وفيها: ضمن معز الدولة الحسبة ببغداد والشرطة، وكل ذلك عقب ضعفة ضعفها وعوفي منها، فلا كان الله عافاه.