مسير الحجاج إلى سميراء ورؤيتهم الهلال

في هذه السنة سار الحجاج إلى سميراء فرأوا هلال ذي الحجة بها ، والعادة جارية بأن يرى الهلال بعده بأربعة أيام ، وبلغهم أنهم لا يرون الماء إلى غمرة ، وهو بها أيضا قليل ، وبينهما نحو عشرة أيام ، فغدوا إلى المدينة فوقفوا بها وعادوا ، فكانوا أول المحرم في الكوفة .

وفيها ظهر بإفريقية كوكب عظيم من جهة المشرق ، وله ذؤابة وضوء عظيم ، فبقي يطلع كذلك نحوا من شهر ثم غاب فلم ير .

حريق العيارين بالخشابين من باب الشعير

وفي يوم الأربعاء لثلاث عشرة [ ليلة ] بقيت من المحرم: أوقع العيارون حريقا بالخشابين من باب الشعير ، فاحترق أكثر هذا السوق ، وما يليها من سوق الجزارين ، وأصحاب الحصر ، وصف البواري ، فهلك شيء كثير من هذه الأسواق من الأموال وزاد أمر العيارين في هذه السنة ، حتى ركبوا الدواب ، وتلقبوا بالقواد ، وغلبوا على الأمور ، وأخذوا الخفائر عن الأسواق والدروب .

وكان في جملة العيارين قائد يعرف: بأسود الزبد ؛ لأنه كان يأوي قنطرة الزبد ويستعظم من حضر وهو عريان لا يتوارى ، فلما كثر الفساد رأى هذا الأسود من هو أضعف منه قد أخذ السيف فطلب سيفا ، ونهب وأغار ، اجتمع إليه جماعة ، فأخذ الأموال ، واشترى جارية بألف دينار ، فلما حصلت عنده حاول منها حاجته فمنعته ، فقال: ما تكرهين مني ؟ قالت: أكرهك كما أنت ، فقال: ما تحبين ؟ قالت: أن تبيعني . قال: أو أفعل خيرا من ذلك ؟ فحملها إلى القاضي وأعتقها ، ووهب لها ألف دينار ، فعجب الناس من سماحة أخلاقه؛ إذ لم يجازها على كراهيتها له . ثم خرج إلى الشام فهلك بها . وقوع الخطبة لأبي تميم معد

وفي المحرم: ورد الخبر بوقوع الخطبة لأبي تميم معد ، الملقب بالمعز ، بمكة والمدينة في موسم [ سنة ] ثلاث وستين وثلاثمائة ، وقطعت خطبة الطائع من يوم الجمعة لعشر بقين من جمادى الأولى إلى أن أعيدت في يوم الجمعة لعشر بقين من رجب ، فلم يخطب في هذه المدة لإمام ، وذلك لأجل تشعث جرى بينه وبين عضد الدولة ، وكان عضد الدولة قد قدم العراق ، فأعجبه ملكها ، فوضع الجند ليشغبوا على عز الدولة ، فشغبوا فأغلق أبوابه .

فأمر عضد الدولة الاستظهار عليه ، وذلك يوم الجمعة لأربع ليال بقين من جمادى الآخرة ، وكتب عن الطائع لله إلى الآفاق باستقرار الأمر لعضد الدولة ، وخلع عضد الدولة على محمد بن بقية وزير عز الدولة ، ثم اضطربت الأمور على عضد الدولة ، ولم يبق في يده غير بغداد ، فنفذ عضد الدولة إلى ركن الدولة يعلمه أنه قد خاطر بنفسه وجنده ، وأنه [ قد ] هذب مملكة العراق ، واستقاد الطائع لله إلى داره ، وأن عز الدولة بختيار عاص لا يقيم دولة ، وأنه إن خرج من العراق لم يبعد اضطراب الممالك ، [ ويسأله المدد ] فلما بلغه هذه الرسالة غضب؛ فقال للرسول: قل له أنت خرجت في نصرة ابن أخي أو في الطمع في مملكته ، فأفرج عضد الدولة عن بختيار ، وخرج عضد الدولة عن بختيار إلى فارس ، وعاد جيش بختيار إليه .

زواج الطائع بالله ببنت عز الدولة

وفي يوم الخميس لعشر خلون من ذي القعدة: تزوج الطائع لله شاه زنان بنت عز الدولة على صداق مائة ألف دينار ، وخطب خطبة النكاح بحضرتهما أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن قريعة القاضي . غلاء الأسعار

وفي رجب: زادت الأسعار ، وعدمت الأقوات ، وبيع الكر من الدقيق الحواري بمائة ونيف وسبعين دينارا ، والعشرة الأمناء من السكر بنيف وأربعين درهما ، والتمر ثلاثة أرطال بدرهم ، وضاقت العلوفة ، فبيع الحمل من التبن بعشرة دراهم ، وأخرج السلطان كراعه إلى السواد . اضطراب أمر الحاج

وفي هذه السنة: اضطرب أمر الحاج ، لم يندب لهم أحد من جهة السلطان ، وخرجت طائفة من الخراسانية على وجه التغرير والمخاطرة ، فلحقهم شدة ، وتأخر البغداديون والتجار ، وأقام الحج أصحاب المغربي ، وأقيمت الخطبة له . تقليد أبو محمد بن معروف القضاء

وفي يوم الأربعاء: سلخ ذي القعدة صرف أبو الحسن محمد بن صالح ابن أم شيبان ، عن قضاء القضاة ، وقلده أبو محمد بن معروف ، وكتب عهده . تقليد نقابة الطالبيين

وفي يوم الأربعاء: لتسع بقين من ذي الحجة خلع على الشريف أبي أحمد الحسين بن موسى الموسوي من دار عز الدولة ، وقلد نقابة الطالبيين .

التالي السابق


الخدمات العلمية