ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر .
إسحاق بن محمد بن إسحاق ، أبو يعقوب النعالي
سمع أبا خليفة ، وجعفر الفريابي ، وغيرهما .
وروى عنه البرقاني وقال: هو صدوق ، وتوفي يوم النحر من هذه السنة . سبكتكين حاجب معز الدولة
خلع عليه الطائع وطوقه وسوره ، ولقبه نصر الدولة ، فسقط سبكتكين عن الفرس ، فانكسر ضلعه ، فاستدعى ابن الصلت المجبر ، فرد ضلعه ولازمه إلى أن برأ فأغناه وأعطاه يوم أدخله الحمام ألف دينار وفرسا ومركبا وخلعه ، وكان يقدر على الركوب والقيام في الصلاة والسجود ، ولا يقدر على الركوع ، وكان يقول لطبيبه: إذا تذكرت عافيتي على يدك فرحت بك ، ولم أقدر على مكافأتك ، وإذا ذكرت حصول رجليك على ظهري اشتد غيظي منك .
توفي يوم الثلاثاء لسبع بقين من المحرم ، وكانت مدة إمارته شهرين وثلاثة عشر يوما ، وحمل تابوته إلى بغداد ، فدفن في تربة ابنته بالمخرم ، وخلف ألف ألف دينار مطيعية ، وعشرة آلاف ألف درهم ، وصندوقين فيهما جوهر ، وستين صندوقا منها خمسة وأربعون فيها آنية ذهب وفضة ، وخمسة عشر فيها بلور ومحكم ومائة وثلاثين مركبا ذهبا ، منها خمسون وزن كل واحد ألف مثقال ، وستمائة مركب فضة ، وأربعة آلاف ثوب ديباجا ، وعشرة آلاف ثوب دبيقيا وعتابيا ، وغير ذلك ، وثلاثمائة عدل معكومة فيها فرش ، وثلاثة آلاف رأس دابة وبغلا ، وألف رأس من الجمال ، وثلاثمائة غلام [ دارية ] وأربعة وأربعين خادما غير ما ترك عند أبي بكر البزاز صاحبه ، وكان لسبكتكين هذا دار المملكة اليوم .
قال: هلال بن المحسن : كانت دار المملكة التي بأعلى المخرم محاذية الفرضة لسبكتكين غلام معز الدولة ، فنقض عضد الدولة أكثرها ، ولم يستبق إلا البيت الستيني الذي هو في وسط أروقة من روائها أروقة من أطرافها أروقة قباب معقودة ، وتنفتح أبوابه الغربية إلى دجلة ، وأبوابه الشرقية إلى صحن ، من خلفه بستان ونخل وشجر ، وكان عضد الدولة جعل الدار التي هذا البيت فيها دار العامة ، والبيت برسم جلوس الوزراء ، وما يتصل به من الأروقة ، والقباب مواضع للدواوين والصحن مناما لديلم النوبة ، في ليالي الصيف ، قال هلال : وهذه الدار وما تحتوي عليه من البيت المذكور والأروقة خراب ، ولقد شاهدت مجلس الوزراء في ذلك ومحفل من يقصدهم ويحضرهم ، وقد جعله جلال الدولة اصطبلا أقام فيه دوابه وسواسه ، وأما ما بناه عضد الدولة وولده بعده من هذه الدار فهو متماسك على تشعثه .
قال ابن ثابت : ولما ورد طغرل بك الغزي بغداد ، واستولى عليها ، عمر هذه الدار ، وجدد كثيرا مما [ كان ] وهي منها سنة ثمان وأربعين وأربعمائة ، فمكثت كذلك إلى سنة خمسين وأربع مائة ثم احترقت ، وسلمت أكثر آلاتها ، ثم عمرت بعد ، وأعيد كما كان وهي منها .
قال: [ القاضي ] أبو القاسم علي بن المحسن قال: سمعت أبي يقول: ماشيت الملك عضد الدولة في دار المملكة بالمخرم التي كانت دار سبكتكين حاجب معز الدولة من قبل ، وهو يتأمل ما عمل وهدم منها ، وقد كان أراد أن يزيد في الميدان السبكتكيني أذرعا ليجعله بستانا ، ويرد بدل التراب رملا ، ويطرح التراب تحت الروشن على دجلة ، وقد ابتاع دورا كثيرة كبارا وصغارا ، ونقضها ورمى حيطانها بالفيلة تخفيفا للمئونة ، وأضاف عرصاتها إلى الميدان ، وكانت مثل الميدان دفعتين وبنى على الجميع مسناة ، فقال لي في هذا اليوم ، وقد شاهد ما شاهد: تدري أيها القاضي كم أنفق على ما قلع من التراب إلى هذه الغاية ، وبناء هذه المسناة السخيفة ، مع ثمن ما ابتيع من الدور واستضيف ؟ قلت: أظنه شيئا كثيرا . فقال لي: هو إلى وقتنا هذا سبعمائة ألف درهم صحاحا ، ويحتاج إلى مثلها دفعة أو دفعتين حتى يتكامل قلع التراب ، ويحصل موضعه الرمل ، موازيا لوجه البستان ، فلما فرغ من ذلك وصار البستان أرضا بيضاء لا شيء فيها من غرس ولا نبات ، قال: قد أنفق على هذا حتى صار كذا أكثر من ألفي ألف درهم ، ثم فكر في أن يجعل شرب البستان من دواليب ينصبها على دجلة ، وعلم أن الدواليب لا تكفي ، فأخرج المهندسين إلى الأنهار التي في ظاهر الجانب الشرقي من مدينة السلام ، ليستخرجوا منها نهرا يسيح ماؤه إلى داره ، فلم يجدوا ما أرادوه إلا في نهر الخالص ، فعلى الأرض بين البلد وبينه تعلية ، أمكن معها أن يجري الماء على قدر من غير أن يحدث به ضرر ، وعمل تلين عظيمين يساويان سطح ماء الخالص ، ويرتفعان عن أرض الصحراء أذرعا ، وشق في وسطهما نهرا جعل له خورين من جانبيه ، وداس الجميع بالفيلة دوسا كثيرا حتى قوي واشتد وصلب وتلبد ، فلما بلغ إلى منازل البلد وأراد سوق النهر إلى داره عمد إلى دور السلسلة ، فدك أرضها دكا قويا ، ورفع أبواب الدور ، وأوثقها ، وبنى جوانب النهر طول البلد بالآجر والكلس والنورة ، حتى وصل الماء إلى الدار ، وسقى البستان .
قال أبي: وبلغت النفقة على عمل البستان وسوق الماء إليه على ما سمعته من حواشي عضد الدولة : خمسة آلاف ألف درهم ، ولعله قد أنفق على أبنية الدار ما أظن مثل ذلك ، وكان عضد الدولة عازما على أن يهدم الدور التي بين داره وبين الزاهر ، ويصل الدار بالزاهر ، فمات قبل ذلك .
عبد السلام بن محمد بن أبي موسى ، أبو القاسم المخرمي الصوفي
سافر الكثير ، ولقي الشيوخ ، وحدث عن أبي بكر بن أبي داود ، وأبي عروبة الحراني ، روى عنه أبو نعيم الأصبهاني ،
وكان ثقة حسن الأخلاق متزهدا ، أقام بمكة سنين ، وتوفي بها في هذه السنة . الفضل المطيع لله ، أمير المؤمنين [ ابن المقتدر ]
قد ذكرنا أنه خلع نفسه لأجل مرض لازمه ، وولى ابنه الطائع ، وأشهد على نفسه القضاة والعدول ، وكانت خلافته تسعا وعشرين سنة وأربعة أشهر وواحد وعشرين يوما ، وخرج الطائع إلى واسط وحمل معه أباه المطيع ، فمات في العسكر بدير العاقول في محرم هذه السنة ، فكان عمره ثلاثا وستين سنة ، وحمل إلى بغداد ، فدفن بتربة جدته أم المقتدر ، محمد بن إبراهيم بن محمد ، أبو بكر الشاهد المعروف بالربيعي
حدث عن ابن جرير الطبري ، وغيره ، روى عنه أبو القاسم عبيد الله بن عمر البقال وغيره ، وقال ابن أبي الفوارس : توفي في سنة أربع وستين وثلاثمائة ، وفيه نظر . محمد بن بدر ، أبو بكر
كان والده يعرف ببدر الحمامي غلام ابن طولون ، ويسمى؛ بدر الكبير ، كان أميرا على بلاد فارس كلها ، وتوفي بتلك النواحي ، فقام ابنه محمد في الناحية مقامه وكتب السلطان إليه بالولاية مكان أبيه وكتب إلى من معه من القواد بالسمع والطاعة له ، فكان أميرا على بلاد فارس مدة ، ثم قدم بغداد ، وحدث بها عن بكر بن سهل الدمياطي ، وحماد بن مدرك ، وغيرهما . روى عنه الدارقطني ، وأبو نعيم [ الأصبهاني ] وغيرهما ،
وقال أبو نعيم : ثقة صحيح السماع .
قال أحمد بن علي : حدثت عن أبي الحسن بن الفرات قال: توفي محمد بن بدر الحمامي في رجب سنة أربع وستين وثلاثمائة ، وكان ثقة إن شاء الله فيما علمته ولم يكن من أهل هذا الشأن ، يعني الحديث ، ولا يحسنه ، وكان له مذهب في الرفض . قال أحمد : وببغداد كانت وفاته . محمد بن ثابت بن أحمد أبو بكر الواسطي
قدم بغداد ، وحدث بها عن عباس الدوري وغيره ، روى عنه ابن شاهين والكتاني ،
وكان ثقة .