تولية بكجور التركي على دمشق
في هذه السنة
استعمل العزيز بالله ( الخليفة العلوي ) على دمشق وأعمالها بكجور التركي مولى قرغويه أحد غلمان سيف الدولة بن حمدان ، وكان له حمص ، فسار منها إلى دمشق ، وظلم أهلها ، وعسفهم وأساء السيرة فيهم ، وقد ذكرناه سنة اثنتين وسبعين [ وثلاثمائة ] مستقصى .
وفيها وزر أبو محمد علي بن العباس بن فسانجس لشرف الدولة . وفيها ، في ربيع الأول ، انقض كوكب عظيم أضاءت له الدنيا ، وسمع له مثل دوي الرعد الشديد . وفيها غلت الأسعار بالعراق وما يجاوره من البلاد ، وعدمت الأقوات ، فمات كثير من الناس جوعا . وفيها وزر أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن سعدان لصمصام الدولة . وفيها ورد القرامطة إلى قريب بغداذ ، وطمعوا بموت عضد الدولة ، فصولحوا على مال أخذوه وعادوا . ومن الحوادث فيها:
إظهار
وفاة عضد الدولة
أنه في يوم عاشوراء ، وهو عاشر المحرم أظهرت وفاة عضد الدولة ، وحمل تابوته إلى الشهداء الغربي ، ودفن في تربة بنيت له هناك ، وكتب على قبره في ملبن ساج :
"هذا قبر عضد الدولة وتاج الملة أبي شجاع ابن ركن الدولة ، أحب مجاورة هذا الإمام التقي؛ لطمعه في الخلاص
يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها والحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وعترته الطاهرة" .
وتولى أمره ، وحمله أبو الحسن علي بن أحمد بن إسحاق العلوي النقيب ، وجلس صمصام الدولة للعزاء به بالثياب السود على الأرض ، وجاءه الطائع لله معزيا ، ولطم عليه في دوره والأسواق اللطم الشديد المتصل أياما كثيرة ، فلما انقضى ذلك ، ركب صمصام الدولة إلى دار الخلافة يوم السبت لسبع بقين من الشهر ، وخلع عليه فيها الخلع السبع والعمامة السوداء ، وسور وطوق وتوج ، وعقد له لواءان ، ولقب شمس الملة ، وحمل على فرس بمركب من ذهب ، وقيد بين يديه مثله ، وقرئ عهده بتقليده الأمور فيما بلغته الدعوة في جميع الممالك ، ونزل من هناك في الطيار إلى دار المملكة ، وأخذت له البيعة على جميع الأولياء بالطاعة ، وإخلاص النية في المناصحة ، وأطلق له رسومها ، وكوتب الولاة والعمال وأصحاب النواحي والأطراف بأخذ البيعة على من قبلهم من الأجناد . زيادة الأسعار
وزادت الأسعار في هذه السنة زيادة مفرطة ، ولحق الناس مجاعة عظيمة ، وبلغ الكر الحنطة في رمضان: ثلاثة آلاف درهم تاجية ، وبلغ في ذي القعدة أربعة آلاف وثمانمائة درهم ، وضج الناس ، وكسروا منابر الجوامع ، ومنعوا الصلاة في عدة جمع ، ومات خلق من الضعفاء جوعا على الطريق ، ثم تناقصت الأسعار في ذي الحجة . مسير القرامطة إلى مصر
وفي هذه السنة: وافى القرامطة إلى البصرة ، لما حدث من طمعهم بعد وفاة عضد الدولة ؛ فصولحوا على مال أعطوه وانصرفوا .