ذكر عدة حوادث في هذه السنة قبض بهاء الدولة على أبي الحسن محمد بن عمر العلوي الكوفي ، وكان قد عظم شأنه مع شرف الدولة ، واتسع جاهه ، وكثرت أمواله ، فلما ولي بهاء الدولة سعى به أبو الحسن المعلم إليه ، وأطمعه في أمواله وملكه ، وعظم ذلك عنده وقبض عليه .

وفيها أسقط بهاء الدولة ما كان يؤخذ من المراعي من سائر السواد .

وفيها ولد الأمير أبو طالب رستم بن فخر الدولة .

وفيها خرج ابن الجراح الطائي على الحجاج بين سميراء وفيد ونازلهم ، فصالحوه على ثلاثمائة ألف درهم ، وشيء من الثياب ، فأخذها وانصرف .

وركب الطائع لله الطيار وسار إلى دار المملكة بالمخرم لتعزية أبي نصر ، والشطان منغصان بالنظارة ، فنزل [ الأمير ] أبو نصر متشحا بكساء طبري ، والديلم والأتراك بين يديه ، وحواليه إلى المشرعة التي قدم إليها الطيار ، وقبل الأرض وقبلها العسكر بتقبيله ، وصعد الرئيس أبو الحسن علي بن عبد العزيز إلى الأمير أبي نصر ، فأدى إليه رسالة الطائع بالتعزية ، فقبل الأرض ثانيا وشكر ودعا ، فعاد أبو الحسن إلى الطائع ، فأعلمه شكره ودعاءه ، وعادوا الصعود إلى أبي نصر لوداعه عن الطائع لله ، فقبل الأرض ثالثا وانحدر الطيار على مثل ما أصعد ، ورجع الأمير أبو نصر إلى داره .

فلما كان يوم السبت عاشر هذا الشهر ركب الأمير أبو نصر إلى حضرة الطائع ، وحضر الأشراف والقضاة وجلس الطائع لله في الرواق الذي في صحن السلم متقلدا سيفا ، وأدخل السلطان إلى بيت في جانب الرواق مما يلي دجلة ، وخلع عليه فيه الخلع السلطانية ، وخرج وعليه سبع طاقات أعلاها سواد وعلى رأسه عمامة سوداء ، وعلى عنقه طوق كبير ، وفي يده سواران ، ومشى الحجاب بين يديه بالسيوف والمناطق ، فلما حصل بين يدي الطائع لله قبل الأرض ، فأومأ إليه [ الطائع ] بالجلوس ، وطرح له كرسي فقبل الأرض دفعة ثانية ، وجلس وقرأ أبو الحسن علي بن عبد العزيز عهده ، وقدم إلى الطائع لواءاه حتى عقدهما بيده ولقب بهاء الدولة وضياء الملة ، فسار بين يديه العسكر كله إلى باب الشماسية في القباب المنصوبة ، وانحدر في الطيار إلى دار المملكة ، وأقر الوزير أبا منصور ابن صالحان على الوزارة ، وخلع عليه . وفيها بنى جامع القطيعة ،

قال: هلال بن المحسن الكاتب : أن الناس تحدثوا في سنة تسع وسبعين وثلاثمائة بأن امرأة من أهل الجانب الشرقي رأت في منامها النبي صلى الله عليه وسلم [ كأنه ] يخبرها بأنها تموت من غد عصرا ، وأنه يصلي في مسجد بقطيعة أم جعفر من الجانب الغربي في القافلاءين ، ووضع كفه في حائط القبلة ، وأنها ذكرت هذه الرؤية عند انتباهها من نومها ، فقصد الموضع ، ووجد أثر الكف ، وماتت المرأة في ذلك الوقت .

وعمر المسجد ووسعه أبو أحمد الموسوي بعد ذلك ، وبناه ، وعمر واستأذن الطائع لله في أن يجعل مسجدا تصلى فيه الجمعات ، واحتج بأنه من وراء خندق وأنه يقطع بينه وبين البلد ، ويصير به ذلك الصقع بلدا آخر ، فأذن له في ذلك ، وصار جامعا يصلى فيه الجمعات .

التالي السابق


الخدمات العلمية