ذكر
عدة حوادث
في هذه السنة عزل المنصور ، صاحب إفريقية ، نائبه في البلاد يوسف ، واستعمل بعده ( على البلاد ) أبا عبد الله محمد بن أبي العرب . وفيها قبض بهاء الدولة على وزيره أبي نصر سابور بالأهواز ، واستوزر أبا القاسم عبد العزيز بن يوسف . ( وفيها أيضا قبض بهاء الدولة ) على أبي نصر خواشاذه وأبي عبد الله بن طاهر ، بعد عوده من خوزستان ، وكان سبب قبضهما أن أبا نصر كان شحيحا ، فلم يواصل ابن المعلم بخدمه وهداياه ، فشرع في القبض عليه . وفيها هرب فولاذ زماندر من عند صمصام الدولة إلى الري ، وكان سبب هربه أنه تحكم على صمصام الدولة تحكما عظيما أنف منه ، فأراد القبض ( عليه ، فعلم ) به فهرب منه . وفيها كتب أهل الرحبة إلى بهاء الدولة يطلبون إنفاذ من يسلمون إليه الرحبة ، فأنفذ خمارتكين الحفصي إلى الرحبة فتسلمها ، وسار منها إلى الرقة ، وبها بدر غلام سعد الدولة بن حمدان ، فجرت بينهما وقعات ، فلم يظفر بها ، وبلغه اختلاف ببغداذ ، فعاد ، فخرج عليه بعض العرب ، فأخذوه أسيرا ، ثم افتدى منهم بمال كثير . وفيها حلف بهاء الدولة للقادر بالله على الطاعة ، والقيام بشروط البيعة ، وحلف له القادر بالوفاء والخلوص ، وأشهد عليه أنه قلده ما وراء بابه . وفي اليوم الثامن عشر من ذي الحجة من هذه السنة - وهو يوم غدير خم - جرت فتنة بين الروافض والسنة ، واقتتلوا ، فقتل منهم خلق كثير ، واستظهر أهل باب البصرة ، وخرقوا أعلام السلطان ، فقتل جماعة اتهموا بفعل ذلك ، وصلبوا على القنطرة ليرتدع أمثالهم . وفي هذه السنة حج بالناس أبو الحسن محمد بن الحسن بن يحيى العلوي ، وكذلك سنة اثنتين وثلاث ، وكان أمير مكة أبو الفتوح الحسن بن جعفر العلوي ، فاتفق أن أبا القاسم بن المغربي حضر عند حسان ابن المفرج بن الجراح الطائي ، فحمله على مباينة العزيز صاحب مصر ، وقال: لا مغمز في نسب أبي الفتوح ، والصواب أن تنصبه إماما فوافقه . وظهر أبو الفتوح الحسن بن جعفر العلوي أمير مكة وادعى أنه خليفة ، وسمى نفسه الراشد بالله ، فمالأه أهل مكة وحصل له أموال من رجل أوصى له بها ، فانتظم أمره بسببها ، وتقلد سيفا وزعم أنه ذو الفقار ، وأخذ في يده قضيبا زعم أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قصد بلاد الرملة ليستعين بعرب الشام فتلقوه بالرحب وقبلوا له الأرض ، وسلموا عليه بأمير المؤمنين ، وأظهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود . ثم إن الحاكم صاحب مصر - وكان قد قام بالأمر من بعد أبيه العزيز في هذه السنة - كتب إلى عرب الشام ملطفات ، ووعدهم من الذهب بألوف ومئات ، وكذلك إلى عرب الحجاز ، واستناب على مكة أميرا ، وبعث إليه بجارية وخمسين ألف دينار ، فانتظم أمر الحاكم ، وتمزق أمر الراشد ، وتسحب إلى بلاده كما بدأ منها ، وعاد إليها ، وكان عوده إليها كما رحل عنها ، واضمحل حاله ، وانتقضت حباله ، وتفرق عنه رجاله ، والله يفعل ما يشاء ويختار . تقليد أبا الحسين محمد ابن قاضي القضاة
ومن الحوادث فيها:
أن أبا الحسين محمد ابن قاضي القضاة أبي محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف ، قلد ما كان إلى أبي بكر بن صير من الأعمال ، وقرئ عهده على ذلك بحضرة أبيه في داره الشطانية بمشهد من الأشراف ، والقضاة ، والفقهاء ، والوجوه .
ونقل بهاء الدولة أخته زوجة الطائع لله إلى دار بمشرعة الصخر ، وأقام لها إقامات كافية ، وأقطعها إقطاعات ، فلم تزل كذلك حتى ماتت .