ذكر عدة حوادث
في هذه السنة كثر شغب الديلم على بهاء الدولة ، ونهبوا دار الوزير أبي نصر بن سابور ، واختفى منهم ، واستعفى ابن صالحان من الانفراد بالوزارة فأعفي ، واستوزر أبا القاسم علي بن أحمد ، ثم هرب ، وعاد سابور إلى الوزارة بعد أن أصلح الديلم .
وفيها جلس القادر بالله لأهل خراسان ، بعد عودهم من الحج ، وقال لهم . في معنى الخطبة له ، وحملوا رسالة وكتبا إلى صاحب خراسان في المعنى .
وفيها عقد النكاح للقادر على بنت بهاء الدولة بصداق مبلغه مائة ألف دينار ، وكان العقد بحضرته ، والولي النقيب أبو أحمد الحسين بن موسى ، والد الرضي ، وماتت قبل النقلة .
وفيها كان بالعراق غلاء شديد فبيعت كارة الدقيق بمائتين وستين درهما ، وكر الحنطة بستة آلاف وستمائة درهم غياثية .
وفي هذه السنة ابتاع أبو نصر سابور بن أردشير دارا في الكرخ بين السورين ، وعمرها وبيضها وسماها: دار العلم ، ووقفها على أهله ، ونقل إليها كتبا كثيرة ابتاعها وجمعها وعمل لها فهرستا ، ورد النظر في أمورها ومراعاتها [ والاحتياط عليها ] إلى الشريفين أبي الحسين محمد بن الحسين بن أبي شيبة ، وأبي عبد الله بن محمد بن أحمد الحسني ، والقاضي أبي عبد الله الحسين بن هارون الضبي ، وكلف الشيخ أبا بكر محمد بن موسى الخوارزمي فضل عناية بها . ومن الحوادث فيها:
أن القادر بالله تقدم بعمارة مسجد الحربية وكسوته وإجرائه مجرى الجوامع في الصلاة .
قال أبو بكر أحمد بن علي الخطيب : ذكر لي هلال بن المحسن أن أبا بكر محمد بن الحسن بن عبد العزيز الهاشمي كان بنى مسجدا بالحربية في أيام المطيع لله ليكون جامعا يخطب فيها ، فمنع المطيع من ذلك ومكث المسجد على تلك الحالة حتى استخلف القادر بالله ، فاستفتى الفقهاء في أمره فأجمعوا على جواز الصلاة فيه ، فرسم أن يعمر ويكسى وينصب فيه منبر ، ورتب إماما يصلي فيه الجمعة ، وذلك في شهر ربيع الآخر في سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة .
قال أبو بكر الخطيب : فأدركت صلاة الجمعة وهي تقام ببغداد في مسجد المدينة والرصافة ، ومسجد دار الخلافة ، ومسجد براثا ومسجد قطيعة أم جعفر ومسجد الحربية ، ولم يزل على هذا إلى سنة إحدى وخمسين وأربعمائة ، ثم تعطلت في مسجد براثا فلم يصل فيه . وفي يوم الأربعاء لأربع بقين من جمادى الأولى وقع الفراغ من الجسر الذي عمله بهاء الدولة في مشرعة القطانين بحضرة دار مؤنس ، واجتاز عليه من الغد ماشيا وقد زين بالمطارد .