ذكر
حادثة غريبة بالأندلس
في هذه السنة سير المنصور محمد بن أبي عامر ، أمير الأندلس لهشام المؤيد عسكرا إلى بلاد الفرنج للغزاة ، فنالوا منهم وغنموا ، وأوغلوا في ديارهم ، وأسروا غرسية ، وهو ملك للفرنج ابن ملك من ملوكهم يقال له شانجة ، وكان من أعظم ملوكهم وأمنعهم ، وكان من القدر أن شاعرا للمنصور ، يقال له أبو العلاء صاعد بن الحسن الربعي ، قد قصده من بلاد الموصل ، وأقام عنده وامتدحه قبل هذا التاريخ ، فلما كان الآن أهدى أبو العلاء إلى المنصور أيلا . وكتب معه أبياتا منها :
يا حرز كل مخوف وأمان كل مشرد ومعز كل مذلل جدواك إن تخصص به فلأهله
وتعم بالإحسان كل مؤمل
( يقول فيها ) :
مولاي مؤنس غربتي ، متخطفي من ظفر أيامي ، ممنع معقلي
عبد رفعت بضبعه ، وغرسته في نعمة أهدى إليك بأيل
سميته غرسية ، وبعثته في حبله ليتاح فيه تفاؤلي
فلئن قبلت ، فتلك أسنى نعمة أسدى بها ذو نعمة وتطول
فسمى هذا الشاعر الأيل غرسية تفاؤلا بأسر ذلك غرسية ، فكان أسره في اليوم الذي أهدى فيه الأيل ، فانظر إلى هذا الاتفاق ما أعجبه .