ثم دخلت سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة
ذكر
قتل المقلد وولاية ابنه قرواش
هذه السنة قتل حسام الدولة المقلد بن المسيب العقيلي غيلة ، قتله مماليك له ترك .
وكان سبب قتله أن هؤلاء الغلمان كانوا قد هربوا منه ، فتبعهم وظفر بهم وقتل منهم وقطع ، وأعاد الباقين ، فخافوه على نفوسهم ، فاغتنم بعضهم غفلته وقتله بالأنبار ، وكان قد عظم أمره ، وراسل وجوه العساكر ببغداذ وأراد التغلب على الملك ، فأتاه الله من حيث لا يشعر .
ولما قتل كان ولده الأكبر قرواش غائبا ، وكانت أمواله وخزائنه بالأنبار ، فخاف نائبه عبد الله بن إبراهيم بن شهرويه بادرة الجند ، فراسل أبا منصور بن قراد اللديد ، وكان بالسندية ، فاستدعاه إليه وقال له : أنا أجعل بينك وبين قرواش عهدا ، وأزوجه ابنتك وأقاسمك على ما خلفه أبوه ، ونساعده على عمه الحسن إن قصده وطمع فيه . فأجابه إلى ذلك وحمى الخزائن والبلد .
وأرسل عبد الله إلى قرواش يحثه على الوصول ، فوصل وقاسمه على المال ، وأقام قراد عنده .
ثم إن الحسن بن المسيب جمع مشايخ عقيل ، وشكا قرواشا إليهم وما صنع مع قراد ، فقالوا له : خوفه منك حمله على ذلك ، فبذل من نفسه الموافقة له ، والوقوف عند رضاه ، وسفر المشايخ بينهما فاصطلحا ، واتفقا على أن يسير الحسن إلى قرواش شبه المحارب ، ويخرج هو وقراد لقتاله ، فإذا لقي بعضهم بعضا عادوا جميعا على قراد فأخذوه ، فسار الحسن وخرج قرواش وقراد لقتاله .
فلما تراءى الجمعان جاء بعض أصحاب قراد إليه فأعلمه الحال ، فهرب على فرس له ، وتبعه قرواش والحسن فلم يدركاه ، وعاد قرواش إلى بيت قراد فأخذ ما فيه من الأموال التي أخذها من قرواش ، وهي بحالها ، وسار قرواش إلى الكوفة ، فأوقع بخفاجة عندها وقعة عظيمة ، فساروا بعدها إلى الشام ، فأقاموا هناك حتى أحضرهم ( أبو جعفر ) الحجاج ، على ما نذكره إن شاء الله .