ثم دخلت سنة خمس وتسعين وثلاثمائة

ذكر عود مهذب الدولة إلى البطيحة

قد ذكرنا انهزام عميد الجيوش من أبي العباس بن واصل ، فلما انهزم أقام بواسط ، وجمع العساكر عازما على العود إلى البطائح ، وكان أبو العباس قد ترك بها نائبا له ، فلم يتمكن من المقام بها ، ففارقها إلى صاحبه ، فأرسل عميد الجيوش إليها نائبا من أهل البطائح ، فعسف الناس ، وأخذ الأموال ، ولم يلتفت إلى عميد الجيوش ، فأرسل إلى بغداذ وأحضر مهذب الدولة ، وسير معه العساكر في السفن إلى البطيحة ، فلما وصلها لقيه أهل البلاد ، وسروا بقدومه ، وسلموا إليه جميع الولايات ، واستقر عليه بهاء الدولة كل سنة خمسين ألف دينار ، ولم يعترض عليه ابن واصل ، فاشتغل عنه ( بالتجهيز إلى ) خوزستان ، وحفر نهرا إلى جانب النهر العضدي ، بين البصرة والأهواز ، وكثر ماؤه ، وكان قد اجتمع عنده جمع كثير من الديلم وأنواع الأجناد .

ولما كثر ماله وذخائره ، و [ ما ] استولى عليه من البطيحة ، قوي طمعه في الملك ، وسار هو وعسكره إلى الأهواز في ذي القعدة ، فجهز إليها بهاء الدولة جيشا في الماء ، فالتقوا بنهر السدرة ، فاقتتلوا ، وخاتلهم أبو العباس ، وسار إلى الأهواز وتبعه من كان قد لقيه من العسكر ، فالتقوا بظاهر الأهواز ، وانضاف إلى عسكر بهاء الدولة العساكر التي بالأهواز ، فاستظهر أبو العباس عليهم .

ورحل بهاء الدولة إلى قنطرة أربق ، عازما على المسير إلى فارس ، ودخل أبو العباس إلى دار المملكة وأخذ ما فيها من الأمتعة والأثاث المتخلف عن بهاء الدولة ، إلا أنه لم يمكنه المقام لأن بهاء الدولة كان قد جهز عسكرا ليسير في البحر إلى البصرة ، فخاف أبو العباس من ذلك ، وراسل بهاء الدولة ، وصالحه وزاد في أقطاعه ، وحلف كل واحد منهما لصاحبه ، وعاد إلى البصرة ، وحمل معه كل ما أخذه من دار بهاء الدولة ودور الأكابر والقواد والتجار .

التالي السابق


الخدمات العلمية