ثم دخلت سنة ثمان وأربعمائة

ذكر خروج الترك من الصين وموت طغان خان

في هذه السنة خرج الترك من الصين في عدد كثير يزيدون على ثلاثمائة ألف خركاة من أجناس الترك ، منهم الخطائية الذين ملكوا ما وراء النهر ، وسيرد خبر ملكهم إن شاء الله تعالى .

وكان سبب خروجهم أن طغان خان لما ملك تركستان مرض مرضا شديدا ، وطال به المرض فطمعوا في البلاد لذلك ، فساروا إليها وملكوا بعضها وغنموا وسبوا وبقي بينهم وبين بلاساغون ثمانية أيام فلما بلغه الخبر كان بها مريضا ، فسأل الله تعالى أن يعافيه لينتقم من الكفرة ، ويحمي البلاد منهم ثم يفعل به بعد ذلك ما أراد ، فاستجاب الله له وشفاه ، فجمع العساكر ، وكتب إلى سائر بلاد الإسلام يستنفر الناس ، فاجتمع إليه من المتطوعة مائة ألف وعشرون ألفا ، فلما بلغ الترك خبر عافيته وجمعه العساكر وكثرة من معه عادوا إلى بلادهم ، فسار خلفهم نحو ثلاثة أشهر حتى أدركهم وهم آمنون لبعد المسافة ، فكبسهم وقتل منهم زيادة على مائتي ألف رجل ، وأسر نحو مائة ألف ، وغنم من الدواب والخركاهات وغير ذلك من الأواني الذهبية والفضية ومعمول الصين ما لا عهد لأحد بمثله ، وعاد إلى بلاساغون ، فلما بلغها ، عاوده مرضه فمات منه .

وكان عادلا ، خيرا ، دينا ، يحب العلم وأهله ، ويميل إلى أهل الدين ، ويصلهم ويقربهم ، وما أشبه قصته بقصة سعد بن معاذ الأنصاري ، وقد تقدمت في غزوة الخندق ، وقيل : كانت هذه الحادثة مع أحمد بن علي قراخان ، أخي طغان خان ، وإنها كانت سنة ثلاث وأربعمائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية