ذكر عدة حوادث
تفاقم الفتنة بين الشيعة والسنة
فمن الحوادث فيها :
أن الفتنة بين الشيعة والسنة تفاقمت ، وعمل أهل نهر القلائين بابا على موضعهم ، وعمل أهل الكرخ بابا على الدقاقين مما يليهم ، وقتل الناس على هذين البابين ، وركب المقدام أبو مقاتل ، وكان على الشرطة ليدخل [ الكرخ ] فمنعه أهلها والعيارون الذين فيها ، وقاتلوه فأحرق الدكاكين وأطراف نهر الدجاج ، ولم يتهيأ له الدخول .
استتابة القادر المبتدعة
وفي سنة ثمان وأربعمائة استتاب القادر بالله أمير المؤمنين فقهاء المعتزلة الحنفية ، فأظهروا الرجوع ، وتبرءوا من الاعتزال ، ثم نهاهم عن الكلام والتدريس والمناظرة في الاعتزال والرفض والمقالات المخالفة للإسلام ، وأخذ خطوطهم بذلك ، وأنهم متى خالفوه حل بهم من النكال والعقوبة ما يتعظ به أمثالهم ، وامتثل يمين الدولة وأمين الملة أبو القاسم محمود أمر أمير المؤمنين ، واستن بسننه في أعماله التي استخلفه عليها من خراسان وغيرها في قتل المعتزلة والرافضة والإسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبهة ، وصلبهم وحبسهم ونفاهم ، وأمر بلعنهم على منابر المسلمين ، وإبعاد كل طائفة من أهل البدع وطردهم عن ديارهم ، وصار ذلك سنة في الإسلام . وفي هذه السنة :
عقد سلطان الدولة على جبارة بنت قرواش بن المقلد بصداق مبلغه خمسون ألف دينار .
وفي هذه السنة ضعف أمر الديلم ببغداذ ، وطمع فيهم العامة ، فانحدروا إلى واسط ، فخرج إليهم عامتها وأتراكها فقاتلوهم ، فدفع الديلم عن أنفسهم ، وقتلوا من أتراك واسط وعامتها خلقا كثيرا ، وعظم أمر العيارين ببغداذ ، فأفسدوا ونهبوا الأموال . وفيها قدم سلطان الدولة بغداذ ، وضرب الطبل في أوقات الصلوات الخمس ، ولم تجر به عادة ، إنما كان عضد الدولة يفعل ذلك في أوقات ثلاث صلوات . وفيها هرب ابن سهلان من سلطان الدولة إلى هيت وأقام عند قرواش ، وولى سلطان الدولة موضعه أبا القاسم جعفر بن أبي الفرج بن فسانجس ، ومولده ببغداذ سنة خمس وخمسين وثلاثمائة .
ولم يحج أحد من أهل العراق لفساد البلاد ، وعيث الأعراب ، وضعف الدولة .