ثم دخلت سنة اثنتي عشرة وأربعمائة
ذكر
الخطبة لمشرف الدولة ببغداذ وقتل وزيره أبي غالب
في هذه السنة ، في المحرم ، قطعت خطبة سلطان الدولة من العراق ، وخطب لمشرف الدولة ، فطلب الديلم من مشرف الدولة أن ينحدروا إلى بيوتهم بخوزستان ، فأذن لهم وأمر وزيره أبا غالب بالانحدار معهم ، فقال له : إني إن فعلت خاطرت بنفسي ، ولكن أبذلها في خدمتك .
ثم انحدر في العساكر ، فلما وصل إلى الأهواز نادى الديلم بشعار سلطان الدولة ، وهجموا على أبي غالب فقتلوه ، فسار الأتراك الذين كانوا معه إلى طراد بن دبيس الأسدي بالجزيرة التي لبني دبيس ، ولم يقدروا [ أن ] يدفعوا عنه ، فكانت وزارته ثمانية عشر شهرا وثلاثة أيام ، وعمره ستين سنة وخمسة أشهر ، فأخذ ولده أبو العباس ، وصودر على ثلاثين ألف دينار . فلما بلغ سلطان الدولة قتله اطمأن ، وقويت نفسه ، وكان قد خافه ، وأنفذ ابنه أبا كاليجار إلى الأهواز فملكها . ذكر
وفاة صدقة صاحب البطيحة
في هذه السنة مرض صدقة صاحب البطيحة ، فقصدها أبو الهيجاء محمد بن عمران بن شاهين ، في صفر ، ليملكها ، وكان أبو الهيجاء بعد موت أبيه قد تمزق في البلاد ; تارة بمصر ، وتارة عند بدر بن حسنويه ، وتارة بينهما ، فلما ولي الوزير أبو غالب أنفق عليه لأدب كان فيه ، فكاتبه بعض أهل البطيحة ليسلموا إليه فسار إليهم فسمع به صدقة قبل موته بيومين ، فسير إليه جيشا فقاتلوه فانهزم أبو الهيجاء وأخذ أسيرا فأراد استبقاءه فمنعه سابور بن المرزبان بن مروان وقتله بيده .
ثم توفي صدقة ، بعد قتله ، في صفر فاجتمع أهل البطيحة على ولاية سابور بن المرزبان فوليهم وكتب إلى مشرف الدولة يطلب أن يقرر عليه ما كان على صدقة من الحمل ، ويستعمل على البطيحة فأجابه إلى ذلك ، وزاد في القرار عليه واستقر في الأمر .
ثم إن أبا نصر شيراز بن الحسن بن مروان زاد في المقاطعة ، فلم يدخل سابور في الزيادة ، فولي أبو نصر البطيحة ، وسار إليها وفارقها سابور إلى جزيرة بني دبيس ، واستقر أبو نصر في الولاية ، وأمنت به الطرق . ذكر عدة حوادث
في هذه السنة توفي علي بن هلال المعروف بابن البواب ، الكاتب المشهور ، وإليه انتهى الخط ، ودفن بجوار أحمد بن حنبل ، وكان يقص بجامع بغداذ ، ورثاه المرتضى ، وقيل كان موته سنة ثلاث عشرة وأربعمائة .
وفيها حج الناس من العراق ، وكان قد انقطع سنة عشر وسنة إحدى عشرة ، فلما كان هذه السنة قصد جماعة من أعيان خراسان السلطان محمود بن سبكتكين وقالوا له : أنت أعظم ملوك الإسلام ، وأثرك في الجهاد مشهور ، والحج قد انقطع كما ترى ، والتشاغل به واجب ، وقد كان بدر بن حسنويه ، وفي أصحابك كثير أعظم منه ، يسير الحاج بتدبيره ، وما له عشرون ، فاجعل لهذا الأمر حظا من اهتمامك .
فتقدم إلى أبي محمد الناصحي قاضي قضاة بلاده بأن يسير بالحاج ، وأعطاه ثلاثين ألف دينار يعطيها للعرب وسوى النفقة في الصدقات ، ونادى في خراسان بالتأهب للحج ، فاجتمع خلق عظيم ، وساروا ، وحج بهم أبو الحسن الأقساسي ، فلما بلغوا فيد حصرهم العرب ، فبذل لهم الناصحي خمسة آلاف دينار ، فلم يقنعوا ، وصمموا العزم على أخذ الحاج ، وكان مقدمهم رجل يقال له حمار بن عدي ، بضم العين ، من بني نبهان فركب فرسه ، وعليه درعه وسلاحه ، وجال جولة يرهب بها ، وكان من سمرقند شاب يوصف بجودة الرمي ، فرماه بسهم فقتله ، وتفرق أصحابه ، وسلم الحاج فحجوا ، وعادوا سالمين . وفيها قلد أبو جعفر السمناني الحسبة ، والمواريث ، ببغداذ ، والموتى . وقرأ الوزير ابن حاجب النعمان عهده ، وركب بالسواد ،
وخلع على أبي علي الحسن بن الحسين الرخجي خلع الوزارة ، ولقب مؤيد الملك .
وقبض قرواش بن المقلد على أبي القاسم المغربي الوزير وأطلقه ، وعلى أبي القاسم سليمان بن فهد فقتل سليمان نفسه .