ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

أبو الحسن القرشي الأموي

أحمد بن محمد بن عبد الله بن العباس بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، أبو الحسن القرشي الأموي

:

ولي قضاء البصرة قديما ثم قضاء القضاة بعد أبي محمد بن الأكفاني في ثالث من شعبان سنة خمس وأربعمائة ، ولم يزل على القضاء إلى حين وفاته ، وكان عفيفا نزها ، وقد سمع من أبي عمر الزاهد ، وعبد الباقي بن قانع إلا أنه لم يحدث .

قال القاضي أبو العلاء الواسطي :

إن المتوكل دعا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، وأحمد بن المعدل ، وإبراهيم التيمي من البصرة وعرض على كل [واحد ] منهم قضاء القضاة ، فاحتج محمد بن عبد الملك بالسن العالية وغير ذلك ، واحتج أحمد بن المعدل بضعف البصر وغير ذلك ، وامتنع إبراهيم التيمي ، فقال : لم يبق غيرك ، وجزم عليه فولي فنزل حال إبراهيم التميمي عند أهل العلم ، وعلت حالة الآخرين .

قال أبو العلاء : فيرى الناس أن بركة امتناع محمد بن عبد الملك دخلت على ولده فولي منهم أربعة وعشرون قاضيا منهم ثمانية تقلدوا قضاء القضاة ، وآخرهم أبو الحسن أحمد بن محمد ، وما رأينا مثله جلالة ونزاهة وصيانة وشرفا .

قال القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري : كان بيني وبين القاضي أبي الحسن ابن أبي الشوارب بالبصرة أنس كثير وامتزاج شديد حتى كان يعدني ولدا وأعده والدا ، فما علمت له سرا قط أو ظهر عليه ما استحيى منه ، وكان بالبصرة رجل من وجوهها واسع الحال كثير المال جدا يعرف بابن نصر بن عبدويه ، فقال لي ، وقد دخلت عليه عائدا [له ] في علة الموت في صدري سر ، وأريد إطلاعك عليه ، لما ولي القاضي أبو الحسن بن أبي الشوارب القضاء بالبصرة في أيام بهاء الدولة ، وكان بيني وبينه من المودة ما شهرته تغني عن ذكره مضيت إليه ، وقلت له : قد علمت أن هذا الأمر الذي تقلدتا يحتاج فيه إلى مؤن كثيرة وأمور لا يقدر عليها ، وقد أحضرتك مائتي دينار وتعلم أنني ممن لا يطلب قضاء ولا شهادة ولا بيني وبين أحد خصومة أحتاج إليها في الترافع إليك ، وإن حدث بي حدث اقتضى الترافع إليك فبالله عليك إلا حكمت علي [في ذلك ] فما يجب على يهودي لو كان في موضعي ، وأسألك أن تقبض مني هذه الدنانير تستعين بها على أمرك ، فإن قبلتها بسبب المودة التي بيننا فأنت في حل منها في الدنيا والآخرة ، وإن أبيت قبولها على هذا الوجه ، فهي قرض لي عليك ، فقال : اعلم أن الأمر كما ذكرته ووالله إني لمحتاج إليها ، ولكن لا يراني الله قبلت إعانة على هذا الأمر ، وأسألك بالله إن أطلعت أحدا على هذا السر ما دمت في الدنيا ، فو الله ما ذكرت لأحد قبل هذا الوقت .

قال ابن حبيب : ومات من يومه ذلك ، توفي ابن أبي الشوارب في شوال هذه السنة . إبراهيم بن عبد الواحد بن محمد بن الحباب ، أبو القاسم الدلال :

سمع محمد بن عبد الله الشافعي وغيره ، وكان ثقة يسكن الجانب الشرقي . وتوفي في صفر هذه السنة . جعفر بن بابي ، أبو مسلم الختلي

سمع ابن بطة ، ودرس فقه الشافعي على أبي حامد الإسفرائيني . وكان ثقة فاضلا دينا . وتوفي في رمضان هذه السنة . [عبد الله بن جعفر ، أبو سعد ابن باكويه :

وزر لجلال الدولة أبي طاهر واعتقله ومات في اعتقاله في هذه السنة ، وكان أديبا شاعرا .



عمر بن أحمد بن إبراهيم بن عبدويه ، أبو حازم الهذلي النيسابوري :

سمع إسماعيل بن نجيد ، وأبا بكر الإسماعيلي وخلقا كثيرا ، روى عنه محمد بن أبي الفوارس ، والتنوخي ، وأبو بكر الخطيب ، وكان ثقة صادقا عارفا حافظا ، سمع الناس بإفادته ، وكتبوا بانتخابه ، وتوفي في عيد الفطر من هذه السنة ] . عمر بن أحمد بن عثمان ، أبو حفص البزاز العكبري :

ولد سنة عشرين وثلاثمائة . سمع النقاش ، وكان ثقة مقبول الشهادة عند الحكام ، وتوفي في هذه السنة . علي بن أحمد بن عمر بن حفص ، أبو الحسن المقرئ المعروف بابن الحمامي :

ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، وسمع أبا عمر وابن السماك ، والنجاد ، والخلدي ، وخلقا كثيرا ، وكان صدوقا دينا فاضلا حسن الاعتقاد ، وتفرد بأسانيد القراءات وعلوها في وقته ، وكان ينزل سوق السلاح من دار المملكة .

يقول أبا الفتح بن أبي الفوارس : لو رحل رجل من خراسان ليسمع كلمة من أبي الحسن الحمامي أو من أبي أحمد الفرضي لم تكن رحلته ضائعة عندنا .

توفي أبو الحسن الحمامي رابع عشرين [من ] شعبان هذه السنة عن تسع وثمانين سنة ، ودفن بمقبرة باب حرب . محمد بن أحمد بن إبراهيم بن مشاذى ، أبو الحسن الهمذاني :

أخبرنا عبد الرحمن أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال : كتبت عنه عند رجوعه من الحج وذلك في سنة تسع وأربعمائة ، وكان ثقة . محمد بن أحمد بن الحسن بن الحسن بن إسحاق ، أبو الحسن البزاز :

قال : محمد بن أحمد أبو الحسن البزاز سمع بمكة من عبد الله بن محمد بن إسحاق الفاكهي ، وأحمد بن محبوب الفقيه ، كتبنا عنه بعد أن كف بصره ، وكان ثقة ، وتوفي في سنة سبع عشرة وأربعمائة . صاعد بن الحسن بن عيسى الربعي البغدادي اللغوي

صاحب كتاب " الفصوص " في اللغة على طريقة القالي في " الأمالي " صنفه للمنصور بن أبي عامر ، فأجازه عليه خمسة آلاف دينار ، ثم قيل له : إنه كذاب متهم فيما ينقله ، فأمر بإلقاء الكتاب في النهر . فقال في ذلك بعض الشعراء :


قد غاص في الماء كتاب الفصوص وهكذا كل ثقيل يغوص

فلما بلغ صاعدا هذا البيت أنشد :


عاد إلى عنصره إنما     يخرج من قعر البحور الفصوص

قلت : كأنه سمى هذا الكتاب بهذا الاسم ليشاكل به " الصحاح " للجوهري ، لكنه كان مع فصاحته وبلاغته وعلمه متهما بالكذب فيما يرويه وينقله ، فلهذا رفض الناس كتابه ، ولم يشتهر بينهم ، وقد كان ظريفا ماجنا سريع الجواب ، سأله رجل أعمى على سبيل التهكم بحضرة جماعة ، فقال له : ما الجرنفل ؟ فأطرق ساعة ، وعرف أنه افتعل هذه اللفظة ، ثم رفع رأسه إليه ، فقال : هو الذي يأتي نساء العميان ، ولا يتعداهن إلى غيرهن . فاستحيى ذلك الأعمى ، وضحك الحاضرون . وقد كانت وفاته في هذه السنة ، سامحه الله تعالى ، والله أعلم بالصواب . القفال المروزي هو أبو بكر عبد الله بن أحمد بن عبد الله القفال

أحد أئمة الشافعية الكبار ، علما ورشدا وحفظا وتصنيفا وورعا ، وإليه تنسب الطريقة الخراسانية ، ومن أصحابه الشيخ أبو محمد الجويني ، والقاضي حسين ، وأبو علي السنجي ، قال القاضي ابن خلكان : وأخذ عنه إمام الحرمين وفيما قاله نظر ; لأن سن إمام الحرمين لا يحتمل ذلك ; فإن القفال هذا توفي في هذه السنة وله تسعون سنة ، ودفن بسجستان ، وإمام الحرمين ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة بعد وفاة القفال بسنتين . ومات سنة ثمان وسبعين كما سيأتي . وإنما قيل له : القفال ; لأنه كان أولا يعمل الأقفال ، ولم يشتغل إلا وهو ابن ثلاثين سنة ، ثم أقبل على الاشتغال بعد ذلك ، رحمه الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية