ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة

ذكر وثوب الأجناد بجلال الدولة وإخراجه من بغداذ

في هذه السنة ، في ربيع الأول ، تجددت الفتنة بين جلال الدولة وبين الأتراك ، فأغلق بابه فجاءت الأتراك ونهبوا داره ، وسلبوا الكتاب وأرباب الديوان ثيابهم ، وطلبوا الوزير أبا إسحاق السهلي ، فهرب إلى حلة كمال الدولة غريب بن محمد ، وخرج جلال الدولة إلى عكبرا في شهر ربيع الآخر ، وخطب الأتراك ببغداذ للملك أبي كاليجار ، وأرسلوا إليه يطلبونه وهو بالأهواز .

فمنعه العادل بن مافنة عن الإصعاد إلى أن يحضر بعض قوادهم .

فلما رأوا امتناعه من الوصول إليهم ، أعادوا خطبة جلال الدولة ، وساروا إليه ، وسألوه العود إلى بغداذ ، واعتذروا ، فعاد إليها بعد ثلاثة وأربعين يوما ، ووزر له أبو القاسم بن ماكولا ، ثم عزل ، ووزر بعده عميد الدولة أبو سعد بن عبد الرحيم ، فبقي وزيرا أياما ثم استتر .

وسبب ذلك أن جلال الدولة تقدم إليه بالقبض على أبي المعمر إبراهيم بن الحسين البسامي طمعا في ماله ، فقبض عليه ، وجعله في داره . فثار الأتراك ، وأرادوا منعه ، وقصدوا دار الوزير ، وأخذوه وضربوه ، وأخرجوه من داره حافيا ، ومزقوا ثيابه ، وأخذوا عمامته وقطعوها ، وأخذوا خواتيمه من يده فدميت أصابعه ، وكان جلال الدولة في الحمام ، فخرج مرتاعا ، فركب وظهر لينظر ما الخبر ، فأكب الوزير يقبل الأرض ، ويذكر ما فعل به ، فقال جلال الدولة : أنا ابن بهاء الدولة ، وقد فعل بي أكثر من هذا ; ثم أخذ من البسامي ألف دينار وأطلقه ، واختفى الوزير .

التالي السابق


الخدمات العلمية