ذكر الفتنة بين جلال الدولة وبين بارسطغان

في هذه السنة كانت الفتنة بين جلال الدولة وبين بارسطغان ، وهو من أكابر الأمراء ويلقب حاجب الحجاب .

وكان سبب ذلك أن جلال الدولة نسبه إلى فساد الأتراك ، والأتراك نسبوه إلى أخذ الأموال ، فخاف على نفسه ، فالتجأ إلى دار الخلافة في رجب من السنة الخالية .

وترددت الرسل بين جلال الدولة والقائم بأمر الله في أمره ، فدافع الخليفة عنه ، وبارسطغان يراسل الملك أبا كاليجار ، فأرسل أبو كاليجار جيشا ، فوصلوا إلى واسط واتفق معهم عسكر واسط ، وأخرجوا الملك العزيز بن جلال الدولة ، فأصعد إلى أبيه ، وكشف بارسطغان القناع ، فاستتبع أصاغر المماليك ونادوا بشعار أبي كاليجار ، وأخرجوا جلال الدولة من بغداذ ، فسار إلى أوانا ومعه البساسيري ، وأخرج بارسطغان الوزير أبا الفضل العباس بن الحسن بن فسانجس ، فنظر في الأمور نيابة عن الملك أبي كاليجار ، وأرسل بارسطغان إلى الخليفة يطلب الخطبة لأبي كاليجار فاحتج بعهود جلال الدولة ، فأكره الخطباء على الخطبة لأبي كاليجار ففعلوا .

وجرى بين الفريقين مناوشات ، وسار الأجناد الواسطيون إلى بارسطغان ( ببغداذ فكانوا معه ، وتنقلت الحال بين جلال الدولة وبارسطغان ) ، فعاد جلال الدولة إلى بغداذ ، ونزل بالجانب الغربي ومعه قرواش بن المقلد العقيلي ، ودبيس بن علي بن مزيد الأسدي ، وخطب لجلال الدولة به ، وبالجانب الشرقي لأبي كاليجار ، وأعان أبو الشوك ، وأبو الفوارس منصور بن الحسين بارسطغان على طاعة أبي كاليجار .

ثم سار جلال الدولة إلى الأنبار ، وسار قرواش إلى الموصل ، وقبض بارسطغان على ابن فسانجس ، فعاد منصور بن الحسين إلى بلده ، وأتى الخبر إلى بارسطغان بعود الملك أبي كاليجار إلى فارس ، ففارقه الديلم الذين جاءوا نجدة له ، فضعف أمره ، ( فدفع ماله ) وحرمه إلى دار الخلافة ، وانحدر إلى واسط ، وعاد جلال الدولة إلى بغداذ ، وأرسل البساسيري والمرشد وبني خفاجة في أثره فتبعهم جلال الدولة ودبيس بن علي بن مزيد ، فلحقوه بالخيزرانية ، فقاتلوه فسقط عن فرسه ، فأخذ أسيرا وحمل إلى جلال الدولة ، فقتله وحمل رأسه ، وكان عمره نحو سبعين سنة .

( وسار جلال الدولة إلى واسط فملكها ، وأصعد إلى بغداذ ) ، فضعف أمر الأتراك ، وطمع فيهم الأعراب ، واستولوا على إقطاعاتهم فلم يقدروا على كف أيديهم عنها ، وكانت مدة بارسطغان من حين كاشف جلال الدولة إلى أن قتل ستة أشهر وعشرة أيام .

التالي السابق


الخدمات العلمية