وفي ليلة الأحد ثاني ربيع الأول: نقلت جثة أبي القاسم ابن المسلمة إلى ما يقارب الحريم الطاهري ، ونصبت على دجلة . فمن الحوادث فيها:

أن أبا منصور بن يوسف انتقل عن معسكر قريش إلى داره بدرب خلف بعد أن حمله البساسيري ، وجمع بينهما حتى رضي عنه ، وأصلح بينه وبينه ، والتزم أبو منصور له شيئا قرره عليه ، وركب البساسيري إليه في هذا اليوم نظرية لجاهه ، وخاطبه بالجميل ، وطيب نفسه بما بذله له ، وو?ده به ، وركب قريش بن بدران من غد إليه أيضا ، وعاد جاهه طريا إلا أنه خائف من البساسيري . وورد كتاب المسافرين من دمشق بسلامتهم من طريق السماوة ، وأنهم مطروا في نصف تموز حتى كانت الجمال تخوض في الماء ، وامتلأت المصانع والزبى .

وفيها: زادت الغارات ، حتى إن قوما من التجار أعطوا على وجه الخفارة من النهروان أربعة عشر ألف دينار ، ومائة كر ، ومائتي رأسا من الغنم .

وفي قال محمد بن عبد الملك الهمذاني: ولما عاد القائم من الحديثة لم ينم على وطاء ، ولم يمكن أحدا أن يقرب إليه فطوره ولا طهوره ، ولأنه نذر أن يتولى ذلك بنفسه ، وعقد مع الله سبحانه العفو عمن أساء إليه والصفح ، وجميع من تعدى عليه ، فوفى بذلك ، وأشرف في بعض الأيام على البناءين والنجارين في الدار ، فرأى فيهم روزجاريا ، فأمر الخادم بإخراجه من بينهم ، فلما كان في بعض الأيام عاد فرآه معهم ، فتقدم إلى الخادم أن يبره بدينار ، وأن يخرجه ويتهدده إن عاد ، فأتاه الخادم ففعل ما رسم له ، وقال: إن رأيناك ها هنا قتلناك ، فسئل الخليفة عن السبب فقال: إن هذا الروزجاري بعينه أسمعنا عند خروجنا من الدار الكلام الشنيع ، وتبعنا بذلك إلى المكان الذي نزلناه من مشهد باب التبن ، ولم يكفه ذلك حتى نقب السقف ، فإذا أنا بغباره ، وتبعنا إلى عقرقوف فبدر من جهله ما أمسكنا عن معاقبته؛ رجاء ثواب الله تعالى ، وما عاقبت من عصى الله فيك بأكثر من أن تطيع الله فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية