ذكر
عصيان ملك كرمان على ألب أرسلان وعوده إلى طاعته .
في هذه السنة عصى ملك كرمان وهو قرا أرسلان على السلطان ألب أرسلان ، وسبب ذلك أنه كان له وزير جاهل سولت له نفسه الاستبداد بالبلاد عن السلطان ، وأن صاحبه إذا عصى ، احتاج إلى التمسك به ، فحسن لصاحبه الخلاف على السلطان فأجاب إلى ذلك ، وخلع الطاعة ، وقطع الخطبة . فسمع ألب أرسلان ، فسار إلى كرمان ، فلما قاربها وقعت طليعته على طليعة قرا أرسلان بعد قتال ، فلما سمع قرا أرسلان وعسكره بانهزام طليعتهم ، خافوا وتحيروا ، فانهزموا لا يلوي أحد على آخر ، فدخل قرا أرسلان إلى جيرفت وامتنع بها ، وأرسل إلى السلطان ألب أرسلان يظهر الطاعة ويسأل العفو عن زلته ، فعفا عنه ، وحضر عند السلطان فأكرمه ، وبكى وأبكى من عنده ، فأعاده إلى مملكته ، ولم يغير عليه شيئا من حاله ، فقال للسلطان : إن لي بنات تجهيزهن إليك ، وأمورهن إليك ، فأجابه إلى ذلك ، وأعطى كل واحدة منهن مائة ألف دينار سوى الثياب والإقطاعات .
ثم سار منها إلى فارس فوصل إلى إصطخر ، وفتح قلعتها ، واستنزل واليها ، فحمل إليه الوالي هدايا عظيمة جليلة المقدار ، من جملتها قدح فيروزج ، فيه منوان من المسك ، مكتوب عليه اسم جمشيد الملك ، وأطاعه جميع حصون فارس ، وبقي قلعته يقال لها بهنزاد ، فسار نظام الملك إليها ، وحصرها تحت جبلها ، وأعطى كل من رمى بسهم وأصاب قبضة من الدنانير ، ومن رمى حجرا ثوبا نفيسا ، ففتح القلعة في اليوم السادس عشر من نزوله ، ووصل السلطان إليه بعد الفتح ، فعظم محل نظام الملك عنده ، فأعلى منزلته ، وزاد في تحكيمه .