ذكر خلافة المقتدي بأمر الله .

لما توفي القائم بأمر الله بويع المقتدي بأمر الله بن محمد بن القائم بالخلافة ، وحضر مؤيد الملك بن نظام الملك ، والوزير فخر الدولة بن جهير وابنه عميد الدولة ، والشيخ أبو إسحاق ، وأبو نصر بن الصباغ ، ونقيب النقباء طراد ، والنقيب الطاهر المعمر بن محمد ، وقاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني ، وغيرهم من الأعيان والأماثل ، فبايعوه .

وقيل : كان أول من بايعه الشريف أبو جعفر بن أبي موسى الهاشمي ، فإنه لما فرغ من غسل القائم بايعه ، وأنشده :


إذا سيد منا مضى قام سيد



ثم أرتج عليه ، فقال المقتدي :

قئول بما قال الكرام فعول



فلما فرغوا من البيعة صلى بهم العصر .

ولم يكن للقائم من أعقابه ذكر سواه ، فإن الذخيرة أبا العباس محمد بن القائم توفي أيام أبيه ولم يكن له غيره ، فأيقن الناس بانقراض نسله ، وانتقال الخلافة من البيت القادري إلى غيره ، ولم يشكوا في اختلال الأحوال بعد القائم ، لأن من عدا البيت القادري كانوا يخالطون العامة في البلد ، ويجرون مجرى السوقة ، فلو اضطر الناس إلى خلافة أحدهم لم يكن له ذلك القبول ، ولا تلك الهيبة ، فقدر الله تعالى أن الذخيرة أبا العباس كان له جارية اسمها أرجوان ، وكان يلم بها ، فلما توفي ورأت ما نال القائم من المصيبة واستعظمه من انقراض عقبه ، ذكرت أنها حامل ، فتعلقت النفوس بذلك ، فولدت بعد موت سيدها بستة أشهر المقتدي ، فاشتد فرح القائم ، وعظم سروره وبالغ [ في ] الإشفاق عليه والمحبة له .

فلما كانت حادثة البساسيري كان للمقتدي قريب أربع سنين ، فأخفاه أهله ، وحمله أبو الغنائم بن المحلبان إلى حران ، كما ذكرنا ولما عاد القائم إلى بغداذ أعيد المقتدي إليه . فلما بلغ الحلم جعله ولي عهد ، ولما ولي الخلافة أقر فخر الدولة بن جهير على وزارته بوصية من القائم بذلك ، وسير عميد الدولة بن فخر الدولة بن جهير إلى السلطان ملكشاه لأخذ البيعة ، وكان مسيره في شهر رمضان ، وأرسل معه من أنواع الهدايا ما يجل عن الوصف .

التالي السابق


الخدمات العلمية