فتوح إبراهيم صاحب غزنة في بلاد الهند .
في سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة غزا الملك إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين بلاد الهند ، فحصر قلعة أجود ، وهي على مائة وعشرين فرسخا من لهاوور ، وهي قلعة حصينة ، في غاية الحصانة ، كبيرة ، تحوي عشرة آلاف رجل من المقاتلة ، فقاتلوه ، وصبروا تحت الحصر ، وزحف إليهم غير مرة ، فرأوا من شدة حربه ما ملأ قلوبهم خوفا ورعبا ، فسلموا القلعة ( إليه في الحادي والعشرين من صفر هذه السنة .
وكان في نواحي الهند قلعة ) يقال لها قلعة روبال ، على رأس جبل شاهق ، وتحتها غياض أشبة ، وخلفها البحر ، وليس عليها قتال إلا من مكان ضيق ، وهو مملوء بالفيلة المقاتلة ، وبها من رجال الحرب ألوف كثيرة ، فتابع عليهم الوقائع ، وألح عليهم بالقتال بجميع أنواع الحرب ، وملك القلعة ، واستنزلهم منها .
وفي موضع يقال له دره نوره أقوام من أولاد الخراسانيين ، الذين جعل أجدادهم فيها أفراسياب التركي من قديم الزمان ، ولم يتعرض إليهم أحد من الملوك ، فسار إليهم إبراهيم ، ودعاهم إلى الإسلام أولا ، فامتنعوا من إجابته ، وقاتلوه ، فظفر بهم ، وأكثر القتل فيهم ، وتفرق من سلم في البلاد ، وسبى واسترق من النسوان والصبيان مائة ألف . وفي هذه القلعة حوض للماء يكون قطره نحو نصف فرسخ لا يدرك قعره ، يشرب منه أهل القلعة وجميع ما عندهم من دابة ، ولا يظهر فيه نقص .
وفي بلاد الهند موضع يقال له وره ، وهو بر بين خليجين ، فقصده الملك إبراهيم ، فوصل إليه في جمادى الأولى ، وفي طريقه عقبات كثيرة ، وفيها أشجار ملتفة ، فأقام هناك ثلاثة أشهر ولقي الناس من الشتاء شدة ، ولم يفارق الغزوة حتى أنزل الله نصره على أوليائه ، وذله على أعدائه ، وعاد إلى غزنة سالما مظفرا .
هذه الغزوات لم أعرف تاريخها ، ( وأما الأولى فكانت هذه السنة ) ، فلهذا أوردتها متتابعة في هذه السنة .