ذكر عدة حوادث .
في سنة خمس وسبعين وأربعمائة
قدم مؤيد الملك بن نظام الملك إلى بغداذ من أصبهان ، فخرج عميد الدولة بن جهير إلى لقائه ، ونزل بالمدرسة النظامية ، وضرب على بابه الطبول أوقات الصلوات الثلاث ، فأعطي مالا جليلا حتى قطعه ، وأرسل الطبول إلى تكريت . وفيها حارب السلطان أخاه تتش فأسره ثم أطلقه واستقرت يده على دمشق وأعمالها وحج بالناس ختلغ .
[وصول مؤيد الملك إلى بغداد]
ووصل في جمادى الآخرة مؤيد الملك إلى بغداد ، فخرج الموكب لتلقيه إلى النهروان ، وخرج إليه أبو العميد الدولة فلقيه في الحلبة ، وضربت له الدبادب والبوقات في وقت الفجر والمغرب والعشاء بإزاء دار الخلافة ، فثقل ذلك ، وروسل حتى تركه .
وفي يوم الأحد سلخ شعبان: وجدت امرأة مقتولة ملقاة في درب الدواب ، فاستدعي صاحب المعونة والحارس ، وأمر بالاستكشاف عن هذا ، فقال بعض المجتازين: هاهنا إنسان أعرج يخبز القطائف ، يعرف هذه الأمور . فاستدعوه وتقدموا إليه بالبحث عن هذا فذكر أن بعض المماليك الأتراك فعل هذا ، فأحضر الغلام فأنكر [وبهته الأعرج] فقال بعض الرجالة: على المرأة آثار تبن وهذا يدل على أنها قتلت في موضع فيه تبن . فقيل له: فتش الدور هناك ، فبدأ بدار الأعرج ، فرأى التبن ، فنبش تحت الدرجة فوجد حليا ودنانير كانت مع المرأة ، فبهت الأعرج وحمل إلى الوزير فاستخلاه ولطف به ، فأقر بأنه في هذه الليلة جمع بين هذه المرأة وبين رجل ، وأنها أخذت من الرجل قراريط ، وأنه طالبها بأجرته فقالت: خذ ما تريد . فوقع عليها فقتلها ، وأخذ ما معها من الحلي والدنانير ، ورمى بها ، فسمع الشهود إقراره بذلك فحبس ، وحضرت ابنة المرأة وطالبت بقتله فقتل في يوم السبت سادس رمضان بالحلبة ، ودفن هناك .
وفي شوال:
تكاملت عمارة جامع القصر المتصل بدار الخلافة ، وبني ما كان فيه خرابا ، وأوسع وعمل له منبر جديد ، وقد كان فخر الدولة عمل فيه سقاية ، وأجرى فيها الماء من داره في قنى تحت الأرض ، وجعل لها فوارات ، فانتفع الناس بذلك منفعة عظيمة .