في سنة سبع وثمانين وأربعمائة يوم السبت خامس عشر المحرم كانت وفاة الخليفة المقتدي ، وخلافة ولده المستظهر بالله .

صفة موته

لما قدم السلطان بركياروق بغداد سأل من الخليفة أن يكتب له بالسلطنة كتابا فيه العهد إليه ، فكتب ذلك وهيئت الخلع وعرضت على الخليفة ، وكان الكتاب يوم الجمعة الرابع عشر من المحرم ثم قدم إليه الطعام فتناول منه على العادة وهو في غاية الصحة ، ثم غسل يده وجلس ينظر في العهد بعدما وقع عليه ، وعنده قهرمانة تسمى شمس النهار قالت : فنظر إلي وقال : من هؤلاء الأشخاص الذين قد دخلوا علينا بغير إذن؟ قالت : فالتفت فلم أر أحدا ورأيته قد تغيرت حالته واسترخت يداه ورجلاه وانحلت قواه وسقط إلى الأرض ، قالت : فظننتها غشية قد لحقته ، فحللت أزرار ثوبه ، فوجدته وقد ظهرت عليه أمارات الموت ، ومات لوقته ، قالت : فتماسكت ، وقلت لجارية عندي : ليس هذا وقت إظهار الجزع والبكاء ، فإن صحت قتلتك ، ثم نفذت بمن استدعى يمنا الخادم وهو صهر القهرمانة على ابنتها ، فلما حضر أمرته باستدعاء الوزير عميد الدولة ابن جهير ، فمضى إليه عند اختلاط الظلام ، فلما شعر به ارتاع وخرج إليه ، فأمره بالحضور فحضر والأفكار تتلاعب به ، فلما رأى القهرمانة أجلها زيادة على ما جرت به عادته معها ، فدخلت الحجرة إلى أن قالت: قد عجزت عن الخدمة وقد عولت على سؤال أمير المؤمنين أن يأذن لي في الحج ، وأنت شفيعي إليه وأسألك أن تحفظني في مغيبي كما تحفظني في مشهدي ، وأخذت عليه الأيمان أن يتوفر على مصالحها ، فلما استوثقت منه استنهضته ، فدخل على الخليفة فرآه مسجى فأجهش بالبكاء ، وأحضروا ولي العهد المستظهر فعرفوه الحال وعزوه عن المصيبة ، وهنئوه بالخلافة ، وبايعوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية