ذكر عدة حوادث

في سنة اثنتي عشرة وخمسمائة انقطع الغيث ، وعدمت الغلات في كثير من البلاد ، وكان أشده بالعراق ، فغلت الأسعار ، وأجلى أهل السواد ، وتقوت الناس بالنخالة ، وعظم الأمر على أهل بغداذ بما كان يفعله منكبرس بهم .

وفيها أسقط المسترشد بالله من الإقطاع المختص به كل جور ، وأمر أن لا يؤخذ إلا ما جرت به العادة القديمة ، وأطلق ضمان غزل الذهب ، وكان صناع السقلاطون ، والممزج ، وغيرهم ممن يعمل منه ، يلقون شدة من العمال عليها ، وأذى عظيما .

وفيها تأخر مسير الحجاج تأخرا أرجف بسببه بانقطاع الحج من العراق فرتب الخليفة الأمير نظر ، خادم أمير الجيوش يمن ، وولاه من أمر الحج ما كان يتولاه أمير الجيوش ، وأعطاه من المال ما يحتاج إليه في طريقه ، وسيره ، فأدركوا الحج وظهرت كفاية نظر .

وفيها وصل مركبان كبيران فيهما قوة ونجدة للفرنج بالشام ، فغرقا ، وكان الناس قد خافوا ممن فيهما .

وفيها وصل رسول إيلغازي ، صاحب حلب وماردين ، إلى بغداذ يستنفر على الفرنج ، ويذكر ما فعلوا بالمسلمين في الديار الجزرية ، وأنهم ملكوا قلعة عند الرها ، وقتلوا أميرها ابن عطير ، فسيرت الكتب بذلك إلى السلطان محمود .

وفيها نقل المستظهر إلى الرصافة ، وجميع من كان مدفونا بدار الخلافة ، وفيهم جدة المستظهر أم المقتدي ، وكانت وفاتها بعد المستظهر ، ورأت البطن الرابع من أولادها .

وفيها كثر أمر العيارين بالجانب الغربي من بغداذ ، فعبر إليهم نائب الشحنة في خمسين غلاما أتراكا ، فقاتلهم ، فانهزم منهم ، ثم عبر إليهم من الغد في مائتي غلام ، فلم يظفر بهم ، ونهب العيارون يومئذ قطفتا . وتوفي ولد المسترشد الأكبر فدفن في الدار مع المستظهر ، ثم توفي ولد له آخر [بالجدري] فبكى عليه المسترشد حتى أغمي عليه .

وطولب ابن حمويه بمال فباع في يوم ثلاثة آلاف قطعة ثياب غير الأثاث والقماش ، وأخرج ابن بكري من الحبس وقرر عليه ثلاثة آلاف دينار وخمسمائة ، وتقدم ببيع أملاكه ليوفي ، وأضيفت دار سيف الدولة إلى الجامع ، وكتب دبيس بن مزيد فتوى في رجل اشترى دارا فغصبها منه رجل وجعلها مسجدا ، هل يصح له ذلك أم يجب إعادتها إلى مكانها ؟ فكتب قاضي القضاة وجماعة من الفقهاء: يجب ردها إلى مالكها وينقض وقفها ، فرفع ذلك إلى المسترشد وطالب بداره التي أضيفت إلى الجامع ، فأظهر بها كتابا مثبتا في ديوان الحكم أنه اشتراها أبوه من وكيل المستظهر بخمسة عشر ألف دينار وأنفق عليها ثمانية عشر ألف دينار .

وفي رجب: خلع المسترشد على دبيس جبة وفرجية وعمامة وطوقا وفرسا ومركبا وسيفا ومنطقة ولواء ، وحمل الخلع نقيب النقباء وابن السيبي ونجاح ، وكان يوما مشهودا .

وفي رابع ذي القعدة: خلع المسترشد على نظر ، ولقبه أمير الحرمين ، وأعطى حقيبتين ولوائين وسبعة أحمال كوسات ، وسار للحج .

وفي ذي الحجة صرف أبو جعفر بن الدامغاني عن حجبة الباب ، وجلس أبو غالب بن المعوج ثم خرج أبو الفرج بن طلحة ، فجلس بباب النوبي وجلس ابن المعوج نائبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية