وفيها
قدم السلطان مسعود بغداد في ربيع الأول ، وكان الزمان شتاء ، وصار يشتي بالعراق ، ويصيف بالجبال ، ولما قدمها أزال المكوس ، وكتب الألواح بإزالتها ، ووضعت على أبواب الجوامع وفي الأسواق ، وتقدم أن لا ينزل جندي في دار عامي من أهل بغداد إلا بإذن ، فكثر الدعاء له والثناء عليه ، وكان السبب في ذلك الكمال الخازن وزير السلطان . وفيها
في صفر ، كانت زلازل كثيرة هائلة بالشام ، والجزيرة ، وكثير من البلاد ، وكان أشدها بالشام ، وكانت متوالية عدة ليال ، كل ليلة عدة دفعات ، فخرب كثير من البلاد لا سيما حلب ، فإن أهلها لما كثرت عليهم فارقوا بيوتهم ، وخرجوا [ إلى ] الصحراء ، وعدوا ليلة واحدة جاءتهم ثمانين مرة ، ولم تزل بالشام تتعاهدهم من رابع صفر إلى التاسع عشر منه ، وكان معها صوت وهزة شديدة . وفيها
أغار الفرنج على أعمال بانياس ، فسار عسكر دمشق في أثرهم ، فلم يدركوهم ، فعادوا . ومن الحوادث فيها:
[طرد الكتاب اليهود والنصارى من الديوان]
أنه طردت الكتاب اليهود والنصارى من الديوان والمخزن ، ثم أعيدوا في الشهر أيضا وفرغ بهروز من المصلحة التي تصدى لحفرها ، وهي نهر دجيل ،
وولي القضاء أبو يعلى بن الفراء قضاء باب الأزج في صفر . ووصل رسول من ابن قاورت ملك كرمان إلى السلطان مسعود يخطب خاتون زوجة المستظهر ومعه التحف ، فجاء وزير مسعود إلى دارها فاستأذنها فأذنت ، فحضر القضاة دار السلطان ووقع الملاك على مائة ألف دينار ، ونثرت الدراهم والدنانير ، وذلك في ثامن عشر صفر ، وسيرت إليه فكانت وفاتها هنالك . وفي ربيع الأول: أزيلت المواصير والمكوس ، ونقشت الألواح بذلك ،
واستوزر السلطان رجلا من رؤساء الري يقال له: محمد الخازن ، فأظهر العدل ، ورفع المكوس والضرائب ، وكان حسن السيرة فدخل عليه رجلان يقال لأحدهما ابن عمارة ، والآخر ابن أبي قيراط يطلبان ضمان المكوس التي أزيلت بمائة ألف دينار ، فرفع أمرهما إلى السلطان ، فشهرا في البلد مسودين الوجوه وحبسا ، فلم يتمكن أعداؤه مما يريدون منه فأوحشوا بينه وبين قراسنقر صاحب آذربيجان ، فأقبل قراسنقر في العساكر العظيمة ، وقال: إما حمل رأسه إلي أو الحرب ، فخوفوا السلطان من حادثة لا تتلافي الفسخ ، ففسح لهم في قتله على كره شديد فقتله تتر الحاجب بيده من شدة حنقه ، وحمل رأسه إلى قراسنقر . وفي هذه السنة: قدم المغربي الواعظ ، وكان يتكلم في الأعزية فأشير عليه بعقد مجلس الوعظ فوعظ ، وكان ينشد بتطريب ، وينده بالسجوع ، فنفق على الناس نفاقا كثيرا فتأثر الغزنوي بذلك ، ومنعه من الجلوس فتعصب له أقوام فأطلق في الجلوس وأركب فرس وزير السلطان فطيف به في الأسواق ، وأبيح له الجلوس أين شاء وقرر له الجلوس في دار السلطان ، فيقال إن الغزنوي احتال حتى لم يقع ذلك .