وفي هذه السنة في ربيع الأول ، أطلق أبو البدر ابن الوزير ابن هبيرة من حبس تكريت ; ولما قدم بغداد خرج أخوه والموكب يتلقونه ، وكان يوما مشهودا ، وكان مقامه في الحبس يزيد على ثلاث سنين . وامتدحه الشعراء ، فكان من جملتهم الأبله الشاعر ، أنشد الوزير قصيدة يقول في أولها :
بأي لسان للوشاة ألام وقد علموا أني سهرت وناموا
إلى أن قال
ويستكثرون الوصل لي منك ليلة وقد مر عام بالصدود وعام
فطرب الخليفة عند ذلك . وخلع عليه ثيابه وأطلق له خمسين دينارا ، وحج بالناس قايماز . وفيها
احترقت بغداد في ربيع الآخر ، وكثر الحريق بها ، واحترق درب فراشا ، ودرب الدواب ، ودرب اللبان ، وخرابة ابن جردة ، والظفرية ، والخاتونية ، ودار الخلافة ، وباب الأزج ، وسوق السلطان وغير ذلك . وفيها في شوال
قصد الإسماعيلية طبس بخراسان ، فأوقعوا بها وقعة عظيمة ، وأسروا جماعة من أعيان دولة السلطان ، ونهبوا أموالهم ودوابهم وقتلوا فيهم . وفي رجب : خرج الخليفة إلى ناحية الدجيل ، وكان قد تولى حفره ابن جعفر صاحب الد?يوان ثم رجع وعاد فخرج فأبصر الأنبار وسار في أسواقها ودروبها [ثم رجع ] وعاد متصيدا . وفي رجب هذه السنة : أخرج الوزير شرف الدين الزينبي من داره وقلع من قبره فحمل إلى الحربية في الماء ليلا بعد أن أحضر الوعاظ فتكلموا قبل قلعه من داره من أول الليل ، وعبرت معه الأضواء الكثيرة [والخلق الكثير ] . واتفق أن رجلا يقال له أبو بكر الموصلي قص ظفره فحاف عليه فخبثت يده ومات .