ذكر عدة حوادث

في سنة أربع وتسعين وخمسمائة، في ذي الحجة ، توفي أبو طالب يحيى بن سعيد بن زيادة ، كاتب الإنشاء بديوان الخليفة ، وكان عالما فاضلا ، له كتابة حسنة ، وكان رجلا عاقلا خيرا ، كثير النفع للناس ، وله شعر جيد .

وفيها حصر الملك العادل أبو بكر بن أيوب قلعة ماردين في شهر رمضان ، وقاتل من بها ، وكان صاحبها حسام الدين ( يولق ) أرسلان بن إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق ، كل هؤلاء ملوك ماردين ، وقد تقدم من أخبارهم ما يعلم به محلهم ، وكان صبيا ، والحاكم في بلده ودولته مملوك أبيه العادل النظام يرنقش ، وليس لصاحبه معه حكم البتة في شيء من الأمور ، ولما حصر العادل ماردين ودام عليها سلم إليه بعض أهلها الربض بمخامرة بينهم ، فنهب العسكر أهله نهبا قبيحا ، وفعلوا بهم أفعالا عظيمة لم يسمع بمثلها ، فلما تسلم الربض تمكن من حصر القلعة ، وقطع الميرة عنها ، وبقي عليها إلى أن رحل عنها سنة خمس وتسعين [ وخمسمائة ] على ما نذكره - إن شاء الله - . فيها جمعت الفرنج جموعها وأقبلوا فحاصروا تبنين ، فاستدعى العادل بني أخيه لقتالهم ، فجاءه العزيز من مصر والأفضل من صرخد فأقلعت الفرنج عن الحصن وبلغهم موت ملك الألمان ، فطلبوا من العادل الهدنة والأمان ، فهادنهم ورجعت الملوك إلى أماكنها ، وقد عظم المعظم عيسى بن العادل في هذه المدة واستنابه أبوه على دمشق وسار إلى ملكه بالجزيرة فأحسن فيهم السيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية