وفاة خوارزم شاه
في سنة ست وتسعين وخمسمائة ، في العشرين من رمضان ، توفي خوارزم شاه تكش بن ألب أرسلان ، من ولد طاهر بن الحسين ، وهو صاحب خوارزم وبعض خراسان والري وغير ذلك من الأقاليم المتسعة ، وهو الذي قطع دولة السلاجقة ، كان عادلا حسن السيرة ، وله معرفة جيدة بالموسيقى ، حسن المعاشرة . وكان قد سار من خوارزم إلى خراسان ، وكان به خوانيق ، فأشار عليه الأطباء بترك الحركة ، فامتنع ، وسار ، فلما قارب شهرستانة اشتد مرضه ومات ، ولما اشتد مرضه أرسلوا إلى ابنه قطب الدين محمد يستدعونه ، ويعرفونه شدة مرض أبيه ، فسار إليهم وقد مات أبوه ، فولي الملك بعده ، ولقب علاء الدين ، لقب أبيه ، وكان لقبه قطب الدين ، وأمر فحمل أبوه ودفن بخوارزم ( في تربة عملها في مدرسة بناها كبيرة عظيمة ) ، وكان عادلا حسن السيرة ، له معرفة حسنة وعلم ، يعرف الفقه على مذهب أبي حنيفة ، ويعرف الأصول .
وكان ولده علي شاه بأصفهان ، فأرسل إليه أخوه خوارزم شاه محمد يستدعيه ، فسار إليه ، فنهب أهل أصفهان خزانته ورحله ، فلما وصل إلى أخيه وولاه حرب أهل خراسان ، والتقدم على جندها ، وسلم إليه نيسابور وكان هندوخان [ بن ] ملكشاه بن خوارزم شاه تكش يخاف عمه محمدا ، فهرب منه ، ونهب كثيرا من خزائن جده تكش لما مات ، وكان معه ، وسار إلى مرو .
ولما سمع غياث الدين ملك غزنة بوفاة خوارزم شاه أمر أن لا تضرب نوبته ثلاثة أيام ، وجلس للعزاء على ما بينهما من العداوة والمحاربة ، فعل ذلك عقلا منه ومروءة ، ثم إن هندوخان جمع جمعا كثيرا بخراسان ، فسير إليه عمه خوارزم شاه محمد جيشا مقدمهم جقر التركي ، فلما سمع هندوخان بمسيره هرب عن خراسان وسار إلى غياث الدين يستنجده على عمه ، فأكرم لقاءه وإنزاله ، وأقطعه ، ووعده النصرة ، فأقام عنده ، ودخل جقر مدينة مرو ، وبها والدة هندوخان وأولاده ، فاستظهر عليهم ، وأعلم صاحبه ، فأمره بإرسالهم إلى خوارزم مكرمين ، فلما سمع غياث الدين ذلك أرسل إلى محمد بن جربك ، صاحب الطالقان ، يأمره أن يرسل [ إلى ] جقر يتهدده ، ففعل [ ذلك ] وسار من الطالقان ، فأخذ مرو الروذ ، والخمس قرى وتسمى بالفارسية بنج ده ، وأرسل إلى جقر يأمره بإقامة الخطبة بمرو لغياث الدين ، أو يفارق البلد ، فأعاد الجواب يتهدد ابن جربك ويتوعده ، وكتب إليه يسأله أن يأخذ له أمانا من غياث الدين ليحضر خدمته ، فكتب إلى غياث الدين بذلك ، فلما قرأ كتابه ، وعلم أن خوارزم شاه ليس له قوة ، فلهذا طلب جقر الانحياز إليه ، فقوي طمعه في البلاد ، وكتب إلى أخيه شهاب الدين يأمره بالخروج إلى خراسان ليتفقا على أخذ بلاد خوارزم شاه محمد .