عدة حوادث

في سنة اثنتين وستمائة قتل سنجر بن مقلد بن سليمان بن مهارش ، أمير عبادة ، بالعراق . وكان سبب قتله أنه سعى بأبيه مقلد إلى الخليفة الناصر لدين الله ، فأمر بالتوكيل على أبيه ، ( فبقي مدة ) ، ثم أطلقه الخليفة ، ثم إن سنجر قتل أخا له اسمه . . . فأوغر بهذه الأسباب صدور أهله وإخوته ، فلما كان هذه السنة في شعبان نزل بأرض المعشوق ، وركب في بعض الأيام ومعه إخوته وغيرهم من أصحابه ، فلما انفرد عن أصحابه ضربه أخوه علي بن مقلد بالسيف فسقط إلى الأرض ، فنزل إخوته إليه فقتلوه .

وفيها تجهز غياث الدين خسرو شاه صاحب مدينة الروم ، إلى مدينة طرابزون ، وحصر صاحبها لأنه كان قد خرج عن طاعته ، فضيق عليه ، فانقطعت لذلك الطرق من بلاد الروم ، والروس ، وقفجاق وغيرها ، برا وبحرا ، ولم يخرج منهم أحد إلى بلاد غياث الدين ، فدخل بذلك ضرر عظيم على الناس ، لأنهم كانوا يتجرون معهم ، ويدخلون بلادهم . ويقصدهم التجار من الشام ، والعراق ، والموصل ، والجزيرة وغيرها ، فاجتمع منهم بمدينة سيواس خلق كثير ، فحيث لم ينفتح الطريق تأذوا أذى كثيرا ، فكان السعيد منهم من عاد إلى رأس ماله .

وفيها تزوج أبو بكر بن البهلوان ، صاحب أذربيجان وأران بابنة ملك الكرج ، وسبب ذلك أن الكرج تابعت الغارات منهم على بلاده لما رأوا من عجزه وانهماكه في الشرب واللعب وما جانسهما ، وإعراضه عن تدبير الملك وحفظ البلاد ، فلما رأى هو أيضا ذلك ، ولم يكن عنده من الحمية والأنفة من هذه المناحس ، ما يترك ما هو مصر عليه ، وأنه لا يقدر على الذب عن البلاد [ بالسيف ] ، عدل إلى الذب عنها بأيره ، فخطب ابنة ملكهم ، فتزوجها ، فكف الكرج عن النهب والإغارة والقتل ، فكان كما قيل : أغمد سيفه ، وسل أيره .

وفيها حمل إلى إربل خروف وجهه صورة آدمي وبدنه بدن خروف ، وكان هذا من العجائب ] . وفيها استوزر الخليفة نصير الدين ناصر بن مهدي العلوي الحسني ، وخلع عليه بالوزارة وضربت الطبول بين يديه وعلى بابه في أوقات الصلوات . وفي شعبان منها هدمت القنطرة الرومانية التي كانت عند الباب الشرقي ونشرت حجارتها ليبلط بها الجامع الأموي بسفارة الوزير صفي الدين بن شكر ، وزير العادل ، وكمل تبليطه في سنة أربع وستمائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية