وفاة كيكاوس وملك كيقباذ أخيه
في سنة ست عشرة وستمائة توفي الملك الغالب عز الدين كيكاوس بن كيخسرو بن قلج أرسلان ، صاحب قونية ، وأقصرا وملطية وما بينهما من بلد الروم ، وكان قد جمع عساكره ، وحشد ، وسار إلى ملطية على قصد بلاد الملك الأشرف لقاعدة استقرت بينه وبين ناصر الدين ، صاحب آمد ، ومظفر الدين ، صاحب إربل ، وكانوا قد خطبوا له ، وضربوا اسمه على السكة في بلادهم ، واتفقوا على الملك الأشرف وبدر الدين بالموصل .
فسار كيكاوس إلى ملطية ليمنع الملك الأشرف بها عن المسير إلى الموصل نجدة لصاحبها بدر الدين ، لعل مظفر الدين يبلغ من الموصل غرضا ، وكان قد علق به السل ، فلما اشتد مرضه عاد عنها ، فتوفي وملك بعده أخوه كيقباذ ، وكان محبوسا ، قد حبسه أخوه كيكاوس لما أخذ البلاد منه ، وأشار عليه بعض أصحابه بقتله ، فلم يفعل ، فلما توفي لم يخلف ولدا يصلح للملك لصغرهم ، فأخرج الجند كيقباذ وملكوه . ومن ( بغي عليه لينصرنه الله ) .
وقيل بل أرسل كيكاوس لما اشتد مرضه ، فأحضره عنده من السجن ، ووصى له بالملك ، وحلف الناس له ، فلما ملك خالفه عمه صاحب أرزن الروم ، وخاف أيضا من الروم المجاورين لبلاده ، فأرسل إلى الملك الأشرف وصالحه ، وتعاهدا على المصافاة والتعاضد ، وتصاهرا ، وكفي الأشرف شر تلك الجهة ، وتفرغ باله لإصلاح ما بين يديه ، ولقد صدق القائل : لا جد إلا ما أقعص عنك الرجال ، وكأنه بقوله أراد : وجدك طعان بغير سنان .
وهذا ثمرة حسن النية ، فإنه حسن النية لرعيته وأصحابه ، كاف عن أذى يتطرق إليهم منه ، غير قاصد إلى البلاد المجاورة لبلاده بأذى وملك مع ضعف أصحابها وقوته ، لا جرم تأتيه البلاد صفوا عفوا .