ذكر عدة حوادث

في سنة تسع عشرة وستمائة، في العشرين من شعبان ، ظهر كوكب في السماء في الشرق ، كبير له ذؤابة طويلة غليظة ، وكان طلوعه وقت السحر ، فبقي كذلك عشرة أيام ثم إنه ظهر أول الليل في الغرب مما يلي الشمال ، فكان كل ليلة يتقدم إلى جهة الجنوب نحو عشرة أذرع في رأي العين ، فلم يزل يقرب من الجنوب حتى صار غربا محضا ثم صار غربا مائلا إلى الجنوب ، بعد أن كان غربا مما يلي الشمال ، فبقي كذلك إلى آخر شهر رمضان من السنة ثم غاب . وفيها نقل تابوت العادل من القلعة إلى تربته بالعادلية الكبيرة ، فصلي عليه أولا تحت النسر بالجامع الأموي ، ثم جاءوا به إلى التربة المذكورة ، فدفن بها ، ولم تكن المدرسة كملت بعد ، وقد تكامل بناؤها في السنة الآتية أيضا ، وذكر الدرس بها القاضي جمال الدين المصري ، وحضر عنده السلطان المعظم ، فجلس في الصدر ، وعن شماله القاضي ، وعن يمينه جمال الدين الحصيري شيخ الحنفية ، وكان في المجلس الشيخ تقي الدين بن الصلاح إمام السلطان ، والشيخ سيف الدين الآمدي إلى جانب المدرس ، وإلى جانبه شمس الدين بن سني الدولة ، ويليه النجم خليل قاضي العسكر ، وتحت الحصيري شمس الدين بن الشيرازي ، وتحته محيي الدين بن الزكي ، وفيه خلق من الأعيان والأكابر ، وفيهم فخر الدين بن عساكر .

وفيها أرسل الملك المعظم الصدر البكري محتسب دمشق إلى جلال الدين ابن خوارزم شاه يستعينه على أخويه الكامل والأشرف اللذين قد تمالآ عليه ، فأجابه إلى ذلك بالسمع والطاعة ، ولما عاد الصدر المذكور أضاف إليه مشيخة الشيوخ .

وحج في هذه السنة الملك المسعود أقسيس بن الكامل صاحب اليمن ، فبدت منه أفعال ناقصة بالحرم من سكر ورشق حمام المسجد بالبندق من أعلى قبة زمزم ، وكان إذا نام في دار الإمارة يضرب الطائفون بالمسعى بأطراف السيوف لئلا يشوشوا عليه وهو نوم سكر ، قبحه الله تعالى ، ولكن كان مع هذا كله مهيبا محترما ، والبلاد به آمنة مطمئنة ، وقد كان يرفع سنجق أبيه يوم عرفة على سنجق الخليفة ، فجرى بسبب ذلك فتنة عظيمة ، وما مكن من طلوعه وصعوده إلى الجبل إلا في آخر النهار بعد جهد جهيد .

وفيها كان بالشام جراد كثير أكل الزرع والثمار والأشجار . وفيها ولي قضاء القضاة ببغداد أبو عبد الله محمد بن فضلان ، ولبس الخلعة في دار نائب الوزارة مؤيد الدين محمد بن محمد القمي بحضرة الأعيان والكبراء ، وقرئ تقليده بحضرتهم ، وساقه ابن الساعي بحروفه .

التالي السابق


الخدمات العلمية