وفيها كمل جامع المنشية ، وأقيمت فيه الجمعة في الثاني والعشرين من ربيع الآخر . وفيها جرت حروب يطول ذكرها بين أهل تونس والفرنج ، ثم تصالحوا بعد ذلك على الهدنة ووضع الحرب ، بعدما قتل من الفريقين خلائق لا يحصون . وفي يوم الأحد الثاني عشر من شوال جاء سيل عظيم إلى دمشق ، فأتلف شيئا كثيرا ، وغرق بسببه ناس كثير ، لا سيما الحجاج من الروم الذين كانوا نزولا بين النهرين ، أخذهم السيل وجمالهم وأحمالهم ، فهلكوا وغلقت أبواب البلد ، ودخل الماء إلى البلد من مرامي السور ، ومن باب الفراديس ، فغرق خان ابن المقدم وأتلف شيئا كثيرا ، وكان ذلك في زمن الصيف أيام المشمش . وفي حادي عشر شوال دخل خضر الكردي شيخ السلطان الملك الظاهر وأصحابه إلى كنيسة اليهود ، فصلوا فيها ، وأزالوا ما فيها من شعائر اليهود ، ومدوا فيها سماطا ، وعملوا سماعا وبقوا على ذلك أياما ، ثم أعيدت إلى اليهود . ثم خرج السلطان إلى السواحل ، فافتتح بعضها ، وأشرف على عكا وتأملها ، ثم سار إلى الديار المصرية ، وكان مقدار ما غرمه في هذه المدة وفي الغزوات قريبا من ثمانمائة ألف دينار ، وأخلفها الله عليه ، فكان وصوله إلى القاهرة يوم الخميس ثالث عشر ذي الحجة . وفي اليوم السابع عشر من وصوله أمسك على جماعة من الأمراء منهم ، الحلبي وغيره ، بلغه أنهم أرادوا مسكه على الشقيف . وفي اليوم السابع عشر من ذي الحجة أمر بإراقة الخمور من سائر بلاده ، وتهدد من يعصرها أو يعتصرها بالقتل ، وأسقط ضمان ذلك ، وكان ذلك بالقاهرة وحدها ، كل يوم ضمانه ألف دينار ، ثم سارت البرد بذلك إلى الآفاق .

التالي السابق


الخدمات العلمية