ولما بلغ الملك المنصور بالديار المصرية ما كان من أمر سنقر الأشقر بالشام أرسل إليه جيشا كثيفا ، فهزموا عسكر سنقر الأشقر الذي كان قد أرسله إلى غزة ، وساقوهم بين أيديهم حتى وصل جيش المصريين إلى قريب دمشق ، فأمر الملك الكامل أن يضرب دهليزه بالجسورة ، وذلك في يوم الأربعاء ثاني عشر صفر ، ونهض بنفسه وبمن معه فنزل هنالك ، واستخدم خلقا كثيرا وأنفق أموالا جزيلة ، وانضاف إليه عرب الأمير شرف الدين عيسى بن مهنا وشهاب الدين أحمد بن حجي ، ونجدة حلب ونجدة حماة ورجال كثيرة من جبال بعلبك ، فلما كان يوم الأحد السادس عشر من صفر أقبل الجيش المصري صحبة الأمير علم الدين سنجر الحلبي ، فلما تراءى الجمعان وتقابل الفريقان تقاتلوا إلى الرابعة في النهار ، فقتل نفر كثير ، وثبت الملك الكامل سنقر الأشقر ثباتا جيدا ، ولكن خامر عليه الجيش ، فمنهم من صار إلى المصري ، ومنهم من انهزم في كل وجه ، وتفرق عنه أصحابه ، فلم يسعه إلا الانهزام على طريق المرج في طائفة يسيرة في صحبة عيسى بن مهنا ، فسار بهم إلى برية الرحبة ، فأنزلهم في بيوت من شعر ، وأقام بهم وبدوابهم مدة مقامهم عنده ، ثم بعث الأمراء الذين انهزموا عنه ، فأخذوا لهم أمانا من الأمير سنجر ، وقد نزل في ظاهر دمشق وهي مغلوقة ، فراسل نائب القلعة ، ولم يزل به حتى فتح باب الفرج من آخر النهار ، وفتحت القلعة من داخل البلد ، فتسلمها للمنصور ، وأفرج عن الأمير ركن الدين بيبرس العجمي المعروف بالجالق ، والأمير حسام الدين لاجين المنصوري ، وغيرهم من الأمراء الذين كان قد اعتقلهم سنقر الأشقر ، وأرسل سنجر البريدية إلى الملك المنصور يعلمونه بصورة الحال ، وأرسل سنجر ثلاثة آلاف في طلب سنقر الأشقر .

التالي السابق


الخدمات العلمية