وفي صفر بعد موت ابن السلعوس عزل بدر الدين بن جماعة عن القضاء ، وأعيد تقي الدين ابن بنت الأعز ، واستمر ابن جماعة مدرسا بمصر في كفاية ورياسة ، وتولى الوزارة بمصر الصاحب تاج الدين بن الحنا ، وفي ظهر يوم الأربعاء الحادي والعشرين من صفر رتب إمام بمحراب الصحابة ، وهو كمال الدين عبد الرحمن بن القاضي محيي الدين بن الزكي ، وصلى يومئذ بعد الخطيب ، ورتب بالمكتب الذي بباب الناطفانيين إمام أيضا ، وهو ضياء الدين بن برهان الدين الإسكندري ، وباشر نظر الجامع الشريف زين الدين حسين بن محمد بن عدنان ، وعاد سوق الحريريين إلى سوقه ، وأخلوا قيسارية القطن الذي كان نواب طقجي ألزموهم بسكناها ، وولي خطابة دمشق الشيخ العلامة شرف الدين أحمد بن جمال الدين أحمد بن نعمة بن أحمد المقدسي ، بعد عزل موفق الدين الحموي ، دعوه إلى حماة فخطب المقدسي يوم الجمعة نصف رجب ، وقرئ تقليده ، وكانت ولايته بإشارة تاج الدين بن الحنا الوزير بمصر ، وكان فصيحا بليغا عالما بارعا . وفي أواخر رجب حلف الأمراء للأمير زين الدين كتبغا مع الملك الناصر محمد بن قلاوون ، وسارت البيعة بذلك في سائر المدن والمعاقل . وفي شعبان منها ركب الملك الناصر في أبهة الملك ، وشق القاهرة ، وكان يوما مشهودا ، وكان هذا أول ركوبه ، ودقت البشائر بالشام ، وجاء المرسوم من جهته ، فقرئ على المنبر بالجامع فيه الأمر بنشر العدل وطي الظلم ، وإبطال ضمان الأوقاف والأملاك إلا برضا أصحابها . وفي اليوم الثاني والعشرين من شعبان درس بالمسرورية القاضي جمال الدين القزويني ، أخو إمام الدين ، وحضر أخوه وقاضي القضاة شهاب الدين بن الخويي ، والشيخ تقي الدين ابن تيمية ، وكان درسا حافلا . قال البرزالي : وفي شعبان اشتهر أن في الغيطة بجسرين تنينا عظيما ابتلع رأسا من المعز كبيرا صحيحا . وفي أواخر رمضان ظهر الأمير حسام الدين لاجين ، وكان مختفيا منذ قتل الأشرف فاعتذر له عند السلطان ، فقبله وخلع عليه وأكرمه ، ولم يكن قتله باختياره . وفي شوال منها اشتهر أن مهنا بن عيسى خرج عن طاعة السلطان الناصر ، وانحاز إلى التتر . وفي يوم الأربعاء ثامن ذي القعدة درس بالغزالية الخطيب شرف الدين المقدسي عوضا عن قاضي القضاة شهاب الدين بن الخويي - لما توفي - وترك الشامية البرانية ، وقدم على قضاء الشام القاضي بدر الدين بن جماعة يوم الخميس الرابع عشر من ذي الحجة ، ونزل العادلية ، وخرج نائب السلطنة والجيش بكماله لتلقيه ، وامتدحه الشعراء ، واستناب تاج الدين الجعبري نائب الخطابة ، وباشر تدريس الشامية البرانية - عوضا عن شرف الدين المقدسي - الشيخ زين الدين الفارقي وانتزعت من يده الناصرية ، فدرس بها ابن جماعة ، وبالعادلية في العشرين من ذي الحجة . وفي هذا الشهر أخرجوا الكلاب من دمشق إلى ظاهر الفلاة بأمر واليها جمال الدين أقباي ، وشدد على الناس والبوابين في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية