صفحة جزء
قال الملأ الذين كفروا من قومه حيث قيد هنا الملأ المعاند بمن كفر وأطلق هناك وقد صرحوا بأن هذا الوصف لأنه لم يكن كلهم على الكفر بل من أشرافهم من آمن به عليه السلام كمرثد بن سعد الذي كان يكتم إيمانه ولا كذلك قوم نوح ومن آمن به عليه السلام منهم لم يكن من الأشراف كما هو الغالب في اتباع الرسل عليهم السلام وقيل إنه وقت مخاطبة نوح عليه السلام لقومه لم يكونوا آمنوا بخلاف قوم هود ومثله كما قال الشهاب يحتاج إلى نقل واعترض المولى بهاء الدين على تلك التفرقة بين القومين بأنه قد جاء في سورة المؤمنين وصف قوم نوح بما وصف به قوم هود هنا فكيف لا تتأتى هذه التفرقة وأجيب بأن الوصف هناك محمول على أنه للذم لا للتمييز وإنما لم يذم ها هنا للإشارة إلى التفرقة وقال الطيبي : يمكن أن يقال : إن الوصف هنا للذم أيضا ومقتضى المقام يقتضي ذمهم لشدة عنادهم كما يدل عليه جوابهم بما حكاه الله تعالى من قولهم إنا لنراك في سفاهة أي متمكنا في خفة عقل راسخا فيها حيث فارقت دين آبائك وإنا لنظنك من الكاذبين (66) حيث ادعيت الرسالة وهو أبلغ من كاذبا كما مرت الإشارة إليه والظن إما على ظاهره كما قال الحسن والزجاج وإما بمعنى العلم كما قيل وذلك لأنهم قالوا ما قالوا مع كونه عليه السلام معروفا بينهم بضد ذلك ولا يقتضي ذم قوم نوح عليه السلام وحيث اقتضى في سورة المؤمنين ذمهم ذمهم لأنهم قالوا كما قصه سبحانه وتعالى هناك ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين وقال بعضهم : إن الظاهر أن ما نقل هنا عن قوم نوح عليه السلام مقالتهم في مجلس أو مقالة بعضهم وما نقل في سورة المؤمنين مقالتهم في مجلس آخر أو مقالة آخرين فروعي في المقامين مقتضى كل من المقالتين.

التالي السابق


الخدمات العلمية