صفحة جزء
وأطيعوا الله ورسوله في كل ما تأتون وما تذرون ويندرج في ذلك ما أمروا به هنا ولا تنازعوا [ ص: 14 ] باختلاف الآراء كما فعلتم ببدر وأحد ، وقرئ ولا تنازعوا بتشديد التاء ( فتفشلوا ) أي فتجبنوا عن عدوكم وتضعفوا عن قتالهم ، والفعل منصوب بأن مقدرة في جواب النهي ، ويحتمل أن يكون مجزوما عطفا عليه ، وقوله تعالى : وتذهب ريحكم بالنصب معطوف على ( تفشلوا ) على الاحتمال الأول ، وقرأ عيسى بن عمر ( ويذهب ) بياء الغيبة والجزم وهو عطف عليه أيضا على الاحتمال الثاني ، والريح كما قال الأخفش مستعارة للدولة لشبهها بها في نفوذ أمرها وتمشيه ، ومن كلامهم هبت رياح فلان إذ دالت له الدولة وجرى أمره على ما يريد وركدت رياحه إذا ولت عنه وأدبر أمره وقال :


إذا هبت رياحك فاغتنمها فإن لكل خافقة سكون     ولا تغفل عن الإحسان فيها
فما تدري السكون متى يكون

وعن قتادة ، وابن زيد أن المراد بها ريح النصر وقالا : لم يكن نصر قط إلا بريح يبعثها الله تعالى تضرب وجوه العدو ، وعن النعمان بن مقرن قال : شهدت مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فكان إذا لم يقاتل أول النهار انتظر حتى تميل الشمس وتهب الرياح ، وعلى هذا تكون الريح على حقيقتها ، وجوز أن تكون كناية عن النصر وبذلك فسرها مجاهد ( واصبروا ) على شدائد الحرب ( إن الله مع الصابرين ) بالإمداد والإعانة وما يفهم من كلمة " مع " من أصالتهم بناء على المشهور من حيث إنهم المباشرون للصبر فهم متبوعون من تلك الحيثية .

التالي السابق


الخدمات العلمية