صفحة جزء
قل هل تربصون بنا لانقطاع حكم الأمر الأول بالثاني، وإن كان أمرا لغائب، وأما على كلام الجماعة فالإعادة لإبراز كمال العناية بشأن المأمور به، والتربص الانتظار والتمهل وإحدى التاءين محذوفة والباء للتعدية أي ما تنتظرون بنا ( إلا إحدى الحسنيين ) أي إحدى العاقبتين اللتين [ ص: 116 ] كل منهما أحسن من جميع العواقب غير الأخرى أو أحسن من جميع عواقب الكفرة، أو كل منهما أحسن مما عداه من جهة، والمراد بهما النصرة والشهادة والحاصل أن ما تنتظرونه لا يخلو من أحد هذين الأمرين، وكل منهما عاقبته حسنى لا كما تزعمون من أن ما يصيبنا من القتل في الغزو سوء ولذلك سررتم به

وصح من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : تكفل الله تعالى لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلمته أن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر وغنيمة ( ونحن نتربص بكم ) إحدى السوأيين من العواقب إما أن يصيبكم الله بعذاب من عنده فيهلككم كما فعل بالأمم الخالية قبلكم، والظرف صفة ( عذاب ) وكونه من عنده تعالى كناية عن كونه منه جل شأنه بلا مباشرة البشر، ويظهر ذلك المقابلة بقوله سبحانه : ( أو بأيدينا ) أي أو بعذاب كائن بأيدينا كالقتل على الكفر والعطف على صفة عذاب فهو صفة أيضا لا أن هناك عذابا مقدرا، وتقييد القتل بكونه على الكفر لأنه بدونه شهادة وفيه إشارة إلى أنهم لا يقتلون حتى يظهروا الكفر ويصروا عليه لأنهم منافقون والمنافق لا يقتل ابتداء ( فتربصوا ) الفاء فصيحة أي إذا كان الأمر كذلك فتربصوا بنا ما هو عاقبتنا ( إنا معكم متربصون ) ما هو عاقبتكم فإذا لقي كل منا ومنكم ما يتربصه لا نشاهد إلا ما يسوءكم ولا تشاهدون إلا ما يسرنا، وما ذكرناه من مفعول التربص هو الظاهر ولعله يرجع إليه ما روي عن الحسن أي فتربصوا مواعيد الشيطان إنا متربصون مواعد الله تعالى من إظهار دينه واستئصال من خالفه، والمراد من الأمر التهديد.

التالي السابق


الخدمات العلمية