صفحة جزء
لو يجدون ملجأ أي حصنا يلجأون إليه كما قال قتادة أو مغارات أي : غير أن يخفون فيها أنفسهم وهو جمع مغارة بمعنى الغار ، ومنهم من فرق بينهما بأن الغار في الجبل والمغارة في الأرض ، وقرئ ( مغارات ) بضم الميم من أغار الرجل إذا دخل الغور ، وقيل : هو تعدية غار الشيء وأغرته أنا أي أمكنة يغيرون فيها أشخاصهم ، ويجوز أن تكون من أغار الثعلب إذا أسرع بمعنى مهارب [ ص: 119 ] ومغار ( أو مدخلا ) أي نفقا كنفق اليربوع ينجحرون فيه ، وهو مفتعل من الدخول فأدغم بعد قلب تائه دالا ، وقرأ يعقوب ، وسهل ( مدخلا ) بفتح الميم اسم مكان من دخل الثلاثي وهي قراءة ابن أبي إسحاق ، والحسن ، وقرأ سلمة بن محارب ( مدخلا ) بضم الميم وفتح الخاء من أدخل المزيد أي مكانا يدخلون فيه أنفسهم أو يدخلهم الخوف فيه ، وقرأ أبي بن كعب ( متدخلا ) اسم مكان من تدخل تفعل من الدخول ، وقرئ ( مندخلا ) من اندخل ، وقد ورد في شعر الكميت:


ولا يدي في حميت السمن تندخل



وأنكر أبو حاتم هذه القراءة وقال : إنما هي بالتاء بناء على إنكار هذه اللغة وليس بذاك ( لولوا ) أي لصرفوا وجوههم وأقبلوا ، وقرئ ( لوألوا ) أي لالتجأوا ( إليه ) أي إلى أحد ما ذكر ( وهم يجمحون ) أي يسرعون في الذهاب إليه بحيث لا يردهم شيء كالفرس الجموح وهو النفور الذي لا يرده لجام ، وروى الأعمش عن أنس بن مالك أنه قرأ ( يجمزون ) بالزاي وهو بمعنى يجمحون ويشتدون ، ومنه الجمازة الناقة الشديدة العدو ، وأنكر بعضهم كون ما ذكر قراءة، وزعم أنه تفسير وهو مردود .

والجملة الشرطية استئناف مقرر لمضمون ما سبق من أنهم ليسوا من المسلمين وأن التجاءهم إلى الانتماء إليهم إنما هو للتقية اضطرارا ، وإيثار صيغة الاستقبال في الشرط وإن كان المعنى على المضي لإفادة استمرار عدم الوجدان حسبما يقتضيه المقام ، ونظير ذلك: لو تحسن إلي لشكرتك، نعم كثيرا ما يكون المضارع المنفي الواقع موقع الماضي لإفادة انتفاء استمرار الفعل لكن ذلك غير مراد ههنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية