صفحة جزء
ألم يعلموا أي المنافقون أو من عاهد الله تعالى ، وعن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قرأ بالتاء على أنه خطاب للمؤمنين ، وقيل : للأولين على الالتفات ويأباه قوله تعالى : [ ص: 146 ] أن الله يعلم سرهم ونجواهم وجعله التفاتا آخر تكلف ، والمراد من السر على تقدير أن يكون الضمير المنافقين ما أسروه في أنفسهم من النفاق ومن النجوى ما يتناجون به من المطاعن ، وعلى التقدير الآخر المراد من الأول العزم على الإخلاف ومن الثاني تسمية الزكاة جزية ، وتقديم السر على النجوى لأن العلم به أعظم في الشاهد من العلم بها مع ما في تقديمه وتعليق العلم به من تعجيل إدخال الروعة أو السرور على اختلاف القراءتين، وسيأتي إن شاء الله تعالى ما ينفعك هنا أيضا وأن الله علام الغيوب فلا يخفى عليه سبحانه شيء من الأشياء ، والهمزة إما للإنكار والتوبيخ والتهديد أي ألم يعلموا ذلك حتى اجترأوا على ما اجترأوا عليه من العظائم أو للتقرير والتنبيه على أن الله سبحانه مؤاخذهم ومجازيهم بما علم من أعمالهم ، وإظهار الاسم الجليل لإلقاء الروعة وتربية المهابة أو لتعظيم أمر المؤاخذة والمجازاة ، وفي إيراد العلم المتعلق بسرهم ونجواهم الحادثين شيئا فشيئا بصيغة الفعل الدال على الحدوث والتجدد والعلم المتعلق بالغيوب الكثيرة بصيغة الاسم الدال على الدوام والمبالغة من الفخامة والجزالة ما لا يخفى .

التالي السابق


الخدمات العلمية