صفحة جزء
وقل اعملوا ما تشاءون من الأعمال فسيرى الله عملكم خيرا كان أو شرا والجملة تعليل لما قبله أو تأكيد لما يستفاد منه من الترغيب والترهيب والسين للتأكيد كما قررنا أي يرى الله تعالى البتة ورسوله والمؤمنون عطف على الاسم الجليل، والتأخير عن المفعول للإشعار بما بين الرؤيتين من التفاوت، والمراد من رؤية العمل عند جمع الاطلاع عليه وعلمه علما جليا ونسبة ذلك للرسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين باعتبار أن الله تعالى لا يخفي ذلك عنهم ويطلعهم عليه إما بالوحي أو بغيره

وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا في الإخلاص عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لأخرج الله تعالى عمله للناس كائنا ما كان . وتخصيص الرسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين بالذكر على هذا لأنهم الذين يعبأ المخاطبون بإطلاعهم، وفسر بعضهم المؤمنين بالملائكة الذين يكتبون الأعمال وليس بشيء، ومثله بل أدهى وأمر ما زعمه بعض الإمامية أنهم الأئمة الطاهرون ورووا أن الأعمال تعرض عليهم في كل اثنين وخميس بعد أن تعرض على النبي صلى الله عليه وسلم

وجوز بعض المحققين أن يكون العلم هنا كناية عن المجازاة ويكون ذلك خاصا بالدنيوي من إظهار المدح والإعزاز مثلا وليس بالرديء وقيل: يجوز إبقاء الرؤية على ما يتبادر منها وتعقب بأن فيه التزام القول برؤية المعاني وهو تكلف وإن كان بالنسبة إليه تعالى غير بعيد وأنت تعلم أن من الأعمال ما يرى عادة كالحركات ولا حاجة فيه إلى حديث الالتزام المذكور على أن ذلك الالتزام في جانب المعطوف لا يخفى ما فيه

وأخرج ابن أبي شيبة وغيره عن سلمة بن الأكوع أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قرأ (فسيرى الله عملكم) أي فسيظهره وستردون أي بعد الموت إلى عالم الغيب ومنه ما سترونه من الأعمال والشهادة ومنها ما تظهرونه، وفي ذكر هذا العنوان من تهويل الأمر وتربية المهابة ما لا يخفى

فينبئكم بعد الرد الذي هو عبارة عن الأمر الممتد بما كنتم تعملون 105 قبل ذلك في الدنيا والإنباء مجاز عن المجازاة أو كناية أي يجازيكم حسب ذلك إن خيرا فخير وإن شرا فشر ففي الآية وعد ووعيد

التالي السابق


الخدمات العلمية