صفحة جزء
يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني خاطب به كل رسول قومه إزاحة لما عسى أن يتوهموه وتمحيضا للنصيحة فإنها ما دامت مشوبة بالمطامع بمعزل عن التأثير، وإيراد الموصول للتفخيم، وجعل الصلة فعل الفطر الذي هو الإيجاد والإبداع لكونه أبعد من أن يتوهم نسبته إلى شركائهم ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ) مع كونه أقدم النعم الفائضة من جناب الله تعالى المستوجبة للشكر الذي لا يتأتى إلا بالجريان على موجب أمره سبحانه الغالب معرضا عن المطالب الدنيوية التي من جملتها الأجر، ولعل فيه إشارة إلى أنه عليه السلام غني عن أجرهم الذي إنما يرغب فيه للاستعانة به على تدبير الحال وقوام العيش بالله تعالى الذي أوجده بعد أن لم يكن وتكفل له بالرزق كما تكفل لسائر من أوجده من الحيوانات أفلا تعقلون أي أتغفلون عن ذلك فلا تعقلون نصيحة من لا يطلب عليها أجرا إلا من الله تعالى، ولا شيء أنفى للتهمة من ذلك فتنقادون لما يدعوكم إليه؛ أو تجهلون كل شيء فلا تعقلون شيئا أصلا، فإن الأمر مما لا ينبغي أن يخفى على أحد من العقلاء.

التالي السابق


الخدمات العلمية