يوم تبدل الأرض غير الأرض ظرف لمضمر مستأنف ينسحب عليه النهي المذكور أي ينجزه
يوم إلى آخره أو معطوف عليه نحو
فارتقب يوم إلى آخره وجعله بعض الفضلاء معمولا لاذكر محذوفا كما قيل في شأن نظائره وقيل : ظرف للانتقام وهو
يوم يأتيهم العذاب بعينه ولكن له أحوال جمة يذكر
[ ص: 254 ] كل مرة بعنوان مخصوص والتقييد مع عموم انتقامه سبحانه للأوقات كلها للإفصاح عما هو المقصود من تعذيب الكفرة المؤخر إلى ذلك اليوم بموجب الحكمة المقتضية له .
وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء تعلقه بلا يخلف الوعد مقدرا بقرينه السابق وفيه الوجه قبله من الحاجة إلى الاعتذار .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14183الحوفي : هو متعلق بمخلف و
إن الله عزيز ذو انتقام جملة اعتراضية وفيه رد لما قيل : لا يجوز تعلقه بذلك لأن ما قبل أن لا يعمل فيما بعدها لأن لها الصدارة ووجهه أنها لكونها وما بعدها اعتراضا لا يبالى بها فاصلا .
وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري انتصابه على البدلية من
يوم يأتيهم وهو بدل كل من كل وتبعه بعض من منع تعلقه بمخلف لمكان ما له الصدر والعجب أن العامل فيه حينئذ ( أنذر ) فيلزم عليه ما لزم القائل بتعلقه بما ذكر فكأنه ذهب إلى أن البدل له عامل مقدر وهو ضعيف وقوله تعالى :
والسماوات عطف على المرفوع أي وتبدل السماوات غير السماوات والتبديل قد يكون في الذات كما في بدلت الدراهم دنانير ومنه قوله تعالى :
بدلناهم جلودا غيرها وقد يكون في الصفات كما في قولك : بدلت الحلقة خاتما إذا غيرت شكلها ومنه قوله سبحانه :
يبدل الله سيئاتهم حسنات والآية الكريمة ليست بنص في أحد الوجهين نص
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال تبدل الأرض يزاد فيها وينقص منها وتذهب آكامها وجبالها وأوديتها وشجرها وما فيها وتمد مد الأديم العكاظي وتصير مستوية لا ترى فيها عوجا ولا أمتا وتبدل السماوات بذهاب شمسها وقمرها ونجومها وحاصله يغير كل عما هو عليه في الدنيا وأنشد : .
وما الناس بالناس الذين عهدتهم ولا الدار بالدار التي كنت أعلم
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : تبدل السماوات بطيها وجعلها مرة كالمهل ومرة وردة كالدهان .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وغيرهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال : تبدل الأرض من فضة والسماء من ذهب .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أنه تكون الأرض كالفضة والسماوات كذلك وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال : تبدل الأرض أرضا بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل فيها خطيئة وروي ذلك مرفوعا أيضا والموقوف على ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أصح وقد يحمل قول
الإمام كرم الله تعالى وجهه على التشبيه .
وقال
الإمام : لا يبعد أن يقال : المراد بتبديل الأرض جعلها جهنم وبتبديل السماوات جعلها الجنة وتعقب بأنه بعيد لأنه يلزم أن تكون الجنة والنار غير مخلوقتين الآن والثابت في الكلام والحديث خلافه وأجيب بأن الثابت خلقهما مطلقا لا خلق كليهما فيجوز أن يكون الموجود الآن بعضهما ثم تصير السماوات والأرض بعضا منهما وفيه أن هذا وإن صححه لا يقر به والاستدلال على ذلك بقوله تعالى :
كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين وقوله سبحانه :
كلا إن كتاب الفجار لفي سجين في غاية الغرابة من
الإمام فإن في إشعار ذلك بالمقصود نظرا فضلا عن كونه دالا عليه نعم جاء في بعض الآثار ما يؤيد ما قاله فقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب أنه قال في الآية : تصير السماوات جنانا ويصير مكان البحر نارا وتبدل الأرض غيرها .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه قال : الأرض كلها نار يوم القيامة وجاء في تبديل الأرض
[ ص: 255 ] روايات أخر .
فقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابن جبير أنه قال : تبدل الأرض خبزة بيضاء فيأكل المؤمن من تحت قدميه .
وأخرج عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي مثله .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في البعث عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة كذلك .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه عن
أفلح مولى أبي أيوب أن رجلا من يهود سأل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : ما الذي تبدل به الأرض فقال خبزة فقال اليهودي : درمكة بأبي أنت فضحك صلى الله تعالى عليه وسلم ثم قال : قاتل الله تعالى يهود هل تدرون ما الدرمكة لباب الخبز .
وقد تقدم خبر أن
الأرض تكون يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة وهو في الصحيحين من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري مرفوعا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وحكى بعضهم أن التبديل يقع في الأرض ولكن تبدل لكل فريق بما يقتضيه حاله ففريق من المؤمنين يكونون على خبز يأكلون منه وفريق يكونون على فضة وفريق الكفرة يكونون على نار وليس تبديلها بأي شيء كان بأعظم من خلقها بعد أن لم تكن .
وذكر بعضهم أنها تبدل أولا صفتها على النحو المروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ثم تبدل ذاتها ويكون هذا الأخير بعد أن تحدث أخبارها ولا مانع من أن يكون هنا تبديلات على أنحاء شتى .
وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها مرفوعا
nindex.php?page=hadith&LINKID=662007أن الناس يوم تبدل على الصراط وفيه من حديث ثوبان
nindex.php?page=hadith&LINKID=657481أن يهوديا سأل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أين الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض فقال عليه الصلاة والسلام : هم في الظلمة دون الجسر ولعل المراد من هذا التبديل نحو خاص منه والله تعالى أعلم بحقيقة الحال وتقديم تبديل الأرض لقربها منا ولكون تبديلها أعظم أمرا بالنسبة إلينا .
وبرزوا أي الخلائق أو الظالمون المدلول عليهم بمعونة السياق كما قيل والمراد بروزهم من أجداثهم التي في بطون الأرض .
وجوز أن يكون المراد ظهورهم بأعمالهم التي كانوا يعملونها سرا ويزعمون أنها لا تظهر أو يعملون عمل من يزعم ذلك ووجه إسناد البروز إليهم مع أنه على هذا لأعمالهم بأنه للإيذان بتشكلهم بأشكال تناسبها وأنت تعلم أن الظاهر ظهورهم من أجداثهم والعطف على
تبدل والعدول إلى صيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع .
وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء أن تكون الجملة مستأنفة وأن تكون حالا من الأرض بتقدير يرقد والرابط الواو .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما ( وبرزوا ) بضم الباء وكسر الراء مشددة جعله مبنيا للمفعول على سبيل التكثير باعتبار المفعول لكثرة المخرجين
لله أي لحكمه سبحانه ومجازاته
الواحد الذي لا شريك له
القهار . (48) الغالب على كل شيء والتعرض للوصفين لتهويل الخطب وتربية المهابة لأنهم إذا كانوا واقفين عند ملك عظيم قهار لا يشاركه غيره كانوا على خطر إذ لا مقاوم له ولا مغيث سواه وفي ذلك أيضا تحقيق إتيان العذاب الموعود على تقدير كون
يوم تبدل بدلا من
يوم يأتيهم العذاب .