صفحة جزء
فلما جاوزا أي: ما فيه المقصد من مجمع البحرين، صح أنهما انطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان الغد وارتفع النهار أحس موسى عليه السلام بالجوع فعند ذلك قال لفتاه آتنا غداءنا وهو الطعام الذي يؤكل أول النهار، والمراد به الحوت على ما ينبئ عنه ظاهر الجواب، وقيل سارا ليلتهما إلى الغد فقال ذلك.

لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا أي: تعبا وإعياء، وهذا إشارة إلى سفرهم الذي هم ملتبسون به، ولكن باعتبار بعض أجزائه.

فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لم يجد موسى شيئا من النصب حتى جاوز المكان الذي أمر به».

وذكر أنه يفهم من الفحوى، والتخصيص بالذكر أنه لم ينصب في سائر أسفاره، والحكمة في حصول الجوع والتعب له حين جاوز أن يطلب الغداء فيذكر الحوت فيرجع إلى حيث يجتمع بمراده، وعن أبي بكر غالب بن عطية والد أبي عبد الحق المفسر قال: سمعت أبا الفضل الجوهري يقول في وعظه: مشى موسى إلى المناجاة فبقي أربعين يوما لم يحتج إلى طعام، ولما مشى إلى بشر لحقه الجوع في بعض يوم، والجملة في محل التعليل للأمر بإيتاء الغداء، إما باعتبار أن النصب إنما يعتري بسبب الضعف الناشئ عن الجوع، وإما باعتبار ما في أثناء التغدي من استراحة ما، وقرأ عبد الله بن عبيد بن عمير: «نصبا» بضمتين، قال صاحب اللوامح: وهي إحدى اللغات الأربع في هذه الكلمة قال أي فتاه، والاستئناف بياني كأنه قيل: فما صنع الفتى حين قال له موسى عليه السلام ما قال؟ فقيل: قال: أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة أي التجأنا إليها وأقمنا عندها.

وجاء في بعض الروايات الصحيحة أن موسى عليه السلام حين قال لفتاه:

لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال: قد قطع الله عنك النصب.

وعلى هذا فيحتمل أنه بعد أن قال ذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية